ضرب داعش نهاية أم بداية؟
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
الأحد 12 أكتوبر 2014 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
يرى بعض الباحثين الغربيين أن الهجمات الجوية التى تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها هى بداية نهاية الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا، وأنها ضحية نفسها، لأنها ترتكب كثيرا من الأخطاء التكتيكية والاستراتيجية، واستفزازها للدول الكبرى بمزيد من خطف وذبح مواطنيها، بل تفوقها على تنظيم القاعدة.
فباتت أكثر إرهابا وعنفا منه. مظهرين (على رأى أحد الخبراء) أيمن الظواهرى «كالجد الطيب» فى أعين الشباب الذى أصبح أكثر راديكالية وأعنف سلوكا بعد الحادى عشر من سبتمبر 2011، ويرى هؤلاء الخبراء أن داعش ترتكب عدة أخطاء منها على سبيل المثال:
1 ـ لم تقوِّ داعش مركزها العسكرى فى المثلث (الأنبار ـ نينوى ـ والرقا) بل طورت الهجوم حتى أبواب بغداد، وهنا استفزت المجتمع الدولى، مما أدى إلى تدخله.
2 ـ وكذلك أنهض إيران لنجدة الشيعة فى النجف وكربلاء وغيرهما وإرسالها قوات (تحت مختلف المسميات) .
3 ـ والبغدادى الخليفة المزعوم فى الموصل، قد أعلن الخلافة هناك متحديا المملكة السعودية وما تمثله من وزن دينى فى العالم، مما أفقد الخليفة المزعوم كثيرا من الحلفاء خاصة من دول الخليج.
4 ـ ثم هاجم الأكراد والايزيدين والمسيحيين الذين كانوا تحت رحمة اللعبة التركية المزدوجة، ولكن الهجوم الأخير على الأكراد فى سوريا أقنع نهائيا تركيا بالمشاركة فى التحالف ضد هذه الخلافة المزعومة، وهذا ما نرى إرهاصاته فى الأيام الأخيرة.
5 ـ أما بشار الأسد فى سوريا، الذى كان منذ 3 سنوات هدف الغرب هو إسقاطه، والذى قيل عنه إنه الحليف الخفى للجهاديين الإسلاميين (وربما كان هذا صحيحا لبعض الوقت) إلا أن برابرة داعش يدخلون أرضه ويهاجمونها ويستولون عليها وعلى بترولها ويروعون سكانها.
6 ـ بهذه الطريقة، يغذى الخليفة المزعوم بأخطائه بأسباب تؤدى للتحالف ضده وضد دولته، ناهيك عن الكراهية التى يحملها سكان المناطق التى استولى عليها بعد ما فرضه أتباعه من عنف وسرقة.
7 ـ دوليا.. يرى الخبراء أن هذا التنظيم مصيره الموت، لأن إيران تخرج بخطوات حكيمة من عزلتها، وروسيا تعيد بناء قوتها، ورغم ان الغرب والولايات المتحدة يمران بحالة ضعف، إلا أنهما مازالا أقوياء.
قد يكون رأى الخبراء صحيحا، ولكن هناك بعض الحقائق التى لا يجب أن نغفل عنها وهذه بعضها:
1 ـ إن داعش والواقفين خلفها يعرفون تماما أن لغة القوة والترهيب هى اللغة التى يفهمها الغرب، فهذه عقليته (الأكثر قوة ـ الأكثر غنى ـ الأكثر سُلطة إلى آخره).
2 ـ إن الغرب ذاته فشل فى فرض ديمقراطيته فى أماكن كثيرة.
3 ـ قد يغيب عليهم أن أسلوب داعش ليس أسلوبا عسكريا بالمعنى المفهوم بل أسلوب حرب العصابات بعتاد خفيف وسريع يغلب عليه عنصر المفاجأة فإذا ضُرب فى مكان ما لبث أن يظهر فى مكان آخر.
4 ـ إن التنظيمات الإرهابية مثل داعش هى شبكة مترابطة وتؤاذر بعضها البعض، فما أن بدأت حملة الطيران على داعش فى العراق حتى قام جهاديون فى الجزائر بخطف سائح فرنسى وذبحوه.
5 ـ إن فكرة الخلافة الإسلامية ذاتها هى فكرة لم تمت منذ اسقطها اتاتورك 1923 فى تركيا فهو حلم داعب حسن البنا الذى أسس الإخوان 1928 كما يداعب أردوغان الذى يعمل على إعادة الخلافة العثمانية وهو حلم يداعب كثيرا من الشباب المُضِل والمُضَل على حد سواء. وهؤلاء هم الذين يغذون داعش ومن على شاكلتها.
أخيرا وليس آخرا، يخطئ من يظن أن الإرهاب سينتهى من المنطقة ومن العالم بالقضاء على داعش، فالتنظيمات الجهادية قادرة على التخلص والاختفاء ثم الظهور من جديد، فهى خلايا يقظة ونائمة فى ذات الوقت موجودة فى الداخل ولكنها موجودة فى بلاد الغرب أيضا، فمن المبكر عزف أبواق النصر.