حكمة التداوى

آخر تحديث: الإثنين 12 نوفمبر 2012 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

إذا اتصل حديث الدواء، فإن المحطة التى تلى الشركات المنتجة له هى محطة الأطباء الذين يتعين عليهم وصف تلك الأدوية للمريض. كلما ارتفع قدر المهارة الطبية والإكلينيكية لدى الطبيب كلما قل استخدامه لأنواع الدواء على اختلافها. لا يصف منها إلا ما له أثر واضح على  المرض يؤدى لانحسار أعراضه وتراجع آثاره.

 

طبيب بلا شك حكيم هو الذى يجيد انتقاء الدواء فى ظل عوامل عديدة ترجع إلى الإنسان المريض وملابسات مرضه.

 

على طبيب القلب ـ على سبيل المثال ـ أن يكون على دراية كاملة بكفاءة وظائف الكلى والكبد والرئة والشرايين الطرفية قبل أن يصف دواء لعلاج ارتفاع ضغط الدم فمن أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم بمجموعاتها المتعددة ما قد يفاقم من أحوال مرضية أخرى قد تخفى على طبيب متسرع أتم ضبط ضغط الدم مرتفعا لتوه!

 

إذا أجاد الطبيب اختيار الدواء الذى يلائم المرض فقد أكمل نصف المشوار فقط. بقية المشوار فى تحديد جرعة الدواء التى تختلف من مريض لآخر يعانى من نفس المرض. الوزن وكفاءة الكبد الذى فيه يتكسر الدواء بعد أن يؤدى الغرض منه وكفاءة الكلى التى تتولى إخراج الدواء بعد تمثيله فى البول حتى لا يتراكم فى الدم محدثا أثرا ساما.. عوامل يجب أن يتفهمها الطبيب جيدا قبل أن يقرر مقدار الجرعة وطول فترة العلاج.

 

تفاعل الأدوية مع بعضها البعض عامل آخر مهم يجب الانتباه إليه، فمن الأدوية من يقلل امتصاص الآخر. أو على العكس يدعم مفعول الآخر لدرجة قد تساهم فى ارتفاعه إلى حد خطير. من الأدوية من يبطل عمل الآخر أو يفسده لذا على الطبيب أن يراجع بدقة ما قد يتناوله المريض من أدوية أخرى قبل أن يصف له الأدوية الجديدة.

 

اختصار عدد الأدوية إلى الحد الأدنى الذى يضمن علاج المرض بكفاءة موهبة يمكن للطبيب اكتسابها إذا آمن بالمبدأ الذى يتماشى مع العقل والحكمة فى الطب والتطبيب. فهل يلجأ إلى ذلك كل أطبائنا؟

 

لا يقف دور الطبيب عند وصف الدواء إنما يتعداه إلى شرح كل ما يتعلق به للمريض. طبيعة عمل هذا الدواء والأعراض الجانبية التى يمكن أن يحدثها.

 

متى تبدو تلك الأعراض الجانبية خطيرة يجب طلب المساعدة إذا ما ظهرت ومتى لا تستوجب الجزع. ما الذى يجب عمله للاستفادة من الدواء على أكمل وجه فيما يتعلق بمواعيد تناوله وعلاقتها بالطعام وما يجب تجنبه خلال فترة تناوله.

 

قد يكون هذا دور الصيدلى فى بلاد كثيرة متقدمة الذى لا يجب أن يقتصر على عملية بيع الدواء فقط للمريض أو الترويج للأدوية البديلة.

 

الأدوية بلا شك سلاح ذو حدين حتى الفيتامينات منها تناولها بلا روية أو حساب يعرض حياة الإنسان للهلاك لذا يجب أن يتنبه الأطباء لدورهم الذى يبدأ باختيار الدواء ولا ينتهى عند هذا الحد إنما يتعداه لاكتساب معرفة