السياحة.. هى الحل!
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 - 4:25 ص
بتوقيت القاهرة
يستطيع قطاع السياحة فى مصر توفير مليارات الدولارات سنويا للميزانية العامة للدولة، تغنينا ليس فقط عن دوامة الاقتراض من الخارج، بل وأيضا تحسين مستوى المعيشة، ومضاعفة الأجور، ورفع كفاءة الخدمات العامة إلى أعلى المستويات فى أغنى دول العالم، لأننا نمتلك كل الامكانيات السياحية التى تؤهلنا لتحقيق كل هذه الأهداف.
لدينا أكثر من ثلث آثار العالم فى مدينة واحدة هى الأقصر، ونحظى بشواطئ فريدة فى جمالها، ولدينا بنية أساسية سياحية ضخمة من فنادق ومطارات وأماكن ترفيه ومزارات تاريخية دينية تعود للعصور القبطية والإسلامية، وكوادر محترفة يمكنها أن تدير المنظومة على أعلى درجة من الكفاءة، ومع ذلك فإن إيرادات السياحة فى العام الحالى لم تتعد 12.6مليار دولار، طبقا لما أعلنه البنك المركزى فى تقريره عن ميزان المدفوعات الذى أصدره منذ اسبوعين، رغم أن إمكانياتنا السياحية تؤهلنا ــ نظريا ــ لزيادة إيرادات هذا القطاع إلى 120 مليار دولا سنويا على أقل تقدير.
من بين أكثر من نصف مليار سائح يزورون دول حوض البحر المتوسط، يأتى إلينا 11 مليون سائح فقط، بمن يأتون لمجرد العلاج أو للعمل، علما بأن باريس وحدها ــ بدون أن يوجد بها أهرامات الجيزة ــ يزورها أكثر من 70 مليون سائح سنويا من بين 90 مليون سائح يزورون فرنسا، وإسبانيا يزورها أكثر من ضعف عدد سكانها كل عام، وحققت 90 مليار يورو خلال العام الماضى رغم أنها تعتبر فقيرة سياحيا بالمقارنة بنا!
العقلية البيروقراطية التى تهيمن على قطاع السياحة سواء فى الترويج والتسويق وفتح أسواق جديدة وحل المشكلات الطارئة هى السبب الرئيسى لتدنى حصيلتنا منها، فعلى سبيل المثال الإجراءات المطلوبة لاستضافة حفل لاحد المطربين العالميين تثير السخرية منها الحصول على تصريح من نقابة المهن الموسيقية، علاوة على الضرائب المبالغ فيها، وغياب الدعاية اللازمة لهذه الحفلات فى الخارج.
هناك أيضا أسباب عديدة لأزماتنا السياحية تتعدى هذه البيروقراطية إلى أبعاد أخرى سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، كلها تتضافر معا لتسىء إلى صناعة السياحة أو على الأقل لا تساعدها على النمو وتحقيق المطلوب منها، تتطلب تحقيق انفتاح سياسى على قيم الحرية والعدالة والمساواة يقدم صورة ذهنية ايجابية عن مجتمعنا، وبناء نموذج ثقافى ــ تعليمى يحترم التعددية والتسامح، مع الاعتداد بالنفس والافتخار بالذات.
صناعة السياحة ليست مهمة فقط فى إيراداتها التى تحققها من السياح الأجانب، فالسياحة الداخلية التى لا نشجعها للأسف إلا عندما توشك الصناعة على الانهيار بانخفاض أعداد السياح الأجانب، يجب أن نوليها اهتماما أكبر حتى فى أوقات الرواج، فزيارة المصريين للمقاصد السياحية فى مختلف المحافظات تتعدى حدود الترفيه إلى المساهمة فى تنمية ثقافتنا الوطنية وانتمائنا لبلدنا.
المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة لو صدقت النوايا فعلا فى خروج مصر من أزماتها المتفاقمة!