حوار مختلف حول مشاركة الشباب
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 - 7:05 م
بتوقيت القاهرة
عقدت جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية الأحد الماضى ندوة بعنوان «تمكين الشباب وبناء قدراتهم وتعزيز مشاركتهم فى تنمية المجتمع»، بالتعاون مع مؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية، لم يكن الحديث فيها نمطيًا، بل عبر عن خلطة ثقافية وسياسية وأكاديمية، قدمها الدكتور يوسف زيدان، والإعلامى الدكتور توفيق عكاشة، الذى أطل بعد غياب، والدكتور يوسف وردانى، وكاتب المقال، وأدارت الحوار الإعلامية اللامعة نسمة السعيد، وشارك بالحضور عدد من أعضاء البرلمان الحاليين والسابقين، ومنظمات المجتمع المدنى، والتكوينات الشبابية والنقابية. عُقدت الندوة فى الإسكندرية بعيدًا عن استئثار القاهرة بغالبية الأحداث العامة، مع وعد من السيد أنور السادات، رئيس مجلس إدارة الجمعية، بأن يمتد النشاط إلى مدن القناة والصعيد.
شمل الحوار عددًا من الأفكار من بينها أن إصلاح التعليم قد يستغرق سنوات طويلة، ونحن لا نمتلك ترف الانتظار، مما يجعلنا نراهن على التثقيف العام، من خلال الإعلام والمنشآت الثقافية والشبابية مثل مراكز الشباب، وقصور الثقافة، وغيرها، مع التأكيد على الحفاظ على المؤسسات العامة، والحيلولة دون ترهلها أو تحللها، لأن حدوث ذلك يقوض فرص المجتمع فى التنمية. يضاف إلى ذلك أهمية استحداث كيان أكبر على المستوى القومى لتدريب وتأهيل وتثقيف الكوادر الشابة التى يظهر عليها المهارات القيادية سواء فى النقابات والجمعيات واتحادات الطلاب والكيانات الشبابية. فى هذا السياق أتصور أنه من الضرورى التفرقة بين التكوين السياسى للشباب، والتأهيل الإدارى للشباب. من ناحية التكوين السياسى، لا أظن أن هناك ضرورة لمحاكاة تطبيقات سابقة فى التثقيف المركزى للشباب، بل يتعين تفعيل المؤسسات العامة والمجتمع المدنى والنقابات والأحزاب، بحيث تصبح قنوات دافئة لتكوين وتأهيل ومشاركة الشباب، ومن خلالها تبزغ الكفاءات الشابة بصورة تلقائية دون تدخل أو تصنيع متعمد. أما التأهيل الإدارى للشباب، لتولى مواقع فى مؤسسات عامة، فالأمر يحتاج بالفعل إلى معاهد للإدارة العامة، وهو ما أخذت به دول عديدة من بينها الهند خاصة عقب الاستقلال، حيث لم يترك الاستعمار البريطانى كوادر إدارية مؤهلة لشغل المواقع الوسيطة والعليا فى الجهاز الإدارى. وسوف نظل بحاجة إلى تحديد هموم وتطلعات الشباب عبر الحوار معهم، وليس من خلال التفكير المنفصل عنهم، لأن الجيل الحالى له همومه وتطلعاته، ومصادر معلوماته، ونظرته النقدية للنخب الأكبر سنًا، وأسلوبهم الخاص فى التفكير. ويُعد ذلك مسئولية البحث الاجتماعى، الذى لم يتطور بالدرجة الكافية لاستيعاب التغيرات الحادثة فى حياة وتفكير الشباب اليوم، ولعل من الخطأ اعتبار الشباب كتلة واحدة، لأن التشوهات الاجتماعية التى أصابت المجتمع القت بظلالها على طبقات وفئات المجتمع، بين شباب المنتجعات، وشباب العشوائيات، ومن بينهم شباب الطبقة الوسطى الذى يعانى اقتصاديا، ويعتريه بعض الإحباط، وتزداد اعتماديته على أسرته، أو شخصيات مؤثرة فى المجتمع يرتبط بها، ويُلحق بمشروعاتها قسرًا، دون أن تكون له حرية الإرادة. وهناك قيادات عليا – ممن نطلق عليهم متوسطى الكفاءات- فى بعض مؤسسات المجتمع، العامة والخاصة، يحولون دون ظهور قيادات شابة إلى جوارهم، ويقومون بتهميشهم، وابعاد الأضواء عنهم. وسط كل ذلك، تطفو على سطح المجتمع ظواهر جديدة مقلقة مثل تنوع أشكال الجريمة، وتزايد معدلات الطلاق، وضعف الادراك الاجتماعى، والانشغال الشديد بالموضة والجسد، وتراجع الوعى التاريخى، وغيرها من القضايا التى تحتاج بالفعل إلى تشخيص، وتحليل، واقتراح لحلول حقيقية.
ندوة مهمة، تؤكد مجددا أهمية منظمات المجتمع المدنى فى اشراك المهتمين بالشأن العام فى حوار جاد، وهو أحد الأدوار الأساسية للهيئات المدنية، حيث تمثل مجالا حيويا أمام المواطنين للنقاش والحوار والاستماع المتبادل، ووضع تصورات للمستقبل، وجميعها تصب فى مجال الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى فى صنع السياسات العامة.