برلمان بين التحدى والأمل
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 12 ديسمبر 2015 - 10:20 م
بتوقيت القاهرة
الانتخابات البرلمانية رغم القيل والقال أفرزت نقاطا إيجابية مما يدل على وصول الشعب المصرى إلى قدر من النضوج السياسى الذى يجعله يفرز بين المتقدمين للترشيح فكثير من الوجوه القديمة سقطت وحدها.
وكلنا أمل أن يكون المجلس النيابى الجديد على مستوى توقعات الشعب المصرى، وأن يعمل على تحقيق مصالح المواطن المصرى ومطالبه. ويعمل على تحويل المبادئ العامة للدستور إلى واقع يشعر به الشعب.
البرلمان الجديد يحمل الكثير من الآمال والطموحات التى يرغب الشباب فى تحقيقها من أجل التغيير وإعداد مستقبل أفضل للأجيال القادمة خصوصا أن المجلس يضم أعضاء من الشباب. وتتلخص المطالب فى الاهتمام بالصحة والتعليم والقضاء على البطالة وتحسين الخدمات فى القرى والمناطق النائية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة الفرد بشكل يضمن له الحياة الكريمة.
فدور الشباب فى مصر لم يكن وليد الأحداث الحالية التى مرت بها البلاد ولكنه دور تأصل من خلال التاريخ الحديث للوطنية المصرية. الوطن فى احتياج إلى شباب مؤمن بالرأى والرأى الآخر يحمل فى داخله طموحا وأفكارا متطورة وعصرية تكون قادرة على العبور بالوطن إلى بر الأمان.
وأن أفضل ما فى البرلمان الجديد هو احتواؤه على عدد كبير من الشباب الفاهم والناضج والواعى بمشكلات جيله ومتطلباته.
إن مشاركة المرأة فى الانتخابات البرلمانية هى خطوة على طريق كانت معالمه استحقاقات قومية تمثلت فى دستور، وكان لمشاركة المرأة فى إقراره دور رئيسى.
وانتخابات رئاسية ساهمت فيها المرأة برؤية صائبة وسجل العالم إعجابه البالغ بالمرأة المصرية والدور الذى لعبته فى العبور بالدولة إلى المستقبل ومستقبل أبنائها.
لأول مرة فى تاريخ البرلمانات المصرية ينجح عدد من الأقباط الشباب المرشحين فى الانتخابات بهذا الشكل، وأن نجاح 12 مرشحا قبطيا مستقلا، بتنوعهم السياسى، رقم كبير، وهو يعكس ثقافة الناخب المصرى التى بدأت تتغير تدريجيا، وعلى الرغم من وجود مال سياسى كبير فى الانتخابات فإن ما حدث يؤكد أن المرشح الذى له أجندة وطنية ومتواجد مع المواطنين يستطيع الفوز، وأن الشعب المصرى تعدى التصنيف الطائفى بدليل أن هناك نوابا مسيحيين ونساء نجحوا فى دوائر نسبة المسلمين فيها كبيرة جدا. فالشعب المصرى بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو وصل إلى درجة كبيرة من النضوج السياسى من جهة وتعضيد فكرة المواطنة من جهة أخرى.
إن فوز الأقباط بـ39 مقعدا فى البرلمان أمر طبيعى بسبب تراجع التيارات الإسلامية وعودة الحياة الطبيعية فى مصر وزيادة الوعى، خصوصا أن التيارات الإسلامية ظلت تؤجج الفتنة الطائفية بين الأقباط والمسلمين لسنوات طويلة، وهو ما كان يؤدى إلى عدم انتخابهم فى البرلمان عند ترشحهم.
إن الشعب أصبح أكثر وعيا من ذى قبل، وأصبح يدرك أن المرحلة التى تمر بها مصر مرحلة تقرير المصير ومن حقه المشاركة فى صناعة مستقبل بلاده أن الشعب المصرى أثبت أن مصر دولة مؤسسات وقوية لها جذور عميقة.
وأن البرلمان الجديد سيكون دوره فى منتهى الأهمية والخطورة لأن الكثير من القوانين والتشريعات الموجودة سيتم إقرارها بواسطته وسيمس قطاعات كبيرة من قطاعات الدولة، فيجب أن يمتلك القدرات على المساهمة فى هذه التشريعات.
ولنا أمل أن الغد سيكون أفضل بكثير من اليوم لابد أن نساعد أنفسنا بالعمل والصبر والتضحية وسوف نرى إنجازات عظيمة تنعكس على كل المصريين.
الأب رفيق جريش