(مباركية) بدون مبارك
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 14 فبراير 2012 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
سقط مبارك ومازال نظامه يصارع من أجل البقاء، فشبكة أصحاب المصالح والاحتكارات الكبرى التى أسسها رجاله لاتزال تملك مفاصل الاقتصاد، ولايزال رجال هذه الشبكة يشعلون، عبر البلطجية ورجالهم فى أجهزة الأمن، أحداث العنف التى اندلعت بمنتهى الضراوة خلال الشهور الماضية، ويتورط فيها الجيش ضد المتظاهرين، ثم يلقى التبعة على من يسميهم الطرف الثالث.
ومع أن مجزرة استاد بورسعيد التى راح ضحيتها 74 مشجعا أهلاويا وإصابة أكثر من 1000 آخرين، كان يمكن أن تكشف لغز هذا الطرف الثالث، فقد جاء تقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها مجلس الشعب، ليضع مسئولية هذه الأحداث الدامية فى رقبة الأمن واتحاد الكرة والإعلام الرياضى والنادى المصرى، ليعالج فقط قشور الأزمة دون أن يصل إلى أسبابها الحقيقية الكامنة فى بنية دولة مبارك نفسها.
ما حدث فى بورسعيد فى أبسط تفسيراته هو نتاج ثقافة دولة مبارك التى صورت مباريات الكرة وكأنها معارك حربية، وأن بطولاتنا الأفريقية انتصارات قومية تتساوى مع انتصارات اكتوبر، فى تسطيح إجرامى لوعى المواطنين، وفى قطيعة كاملة مع الروح الرياضية الحقيقية.
أما التفسير الأعمق للمجزرة، فإنه يتعلق بتخطيط رجال مبارك فى الإبقاء على دولته، والتى أصبحت فى سنواتها الاخيرة «دولة عائلية» يملكها مبارك وأولاده وأصدقاؤه، تشبه عصابات المافيا، وتحميهم وتحمى مصالحهم منظومة امنية حديدية.
كان المفروض على لجنة تقصى الحقائق أن تبحث عن موقع مجزرة بورسعيد فى المعركة الدائرة الآن بين الثوار الذين يريدون هدم معبد مبارك وبناء دولة جديدة، وبين هؤلاء الذين يريدون ان يبقوا على نفس سياساته ببعض التعديلات، دون أى اعتبار لدم شهداء الثورة ومصابيها والذين ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمحدوة الدخل والوسطى التى تعرضت للقمع والتهميش والاستغلال خلال حكم مبارك، وواجه شبابها رصاص وقنابله وبلطجيته بصدورهم العارية.
قد تقدم اللجنة أسماء المحرضين على المجزرة والمشاركين فيها، وقد يطيح القضاء ببعض المسئولين عن مناصبهم، لكن المتسببين الحقيقيين فى المجزرة الذين خانوا الثورة، ويحاولون تشويه صورتها لا يزالون باقين فى مناصبهم، بعيدين عن أى مساءلة قانونية، وهم يخططون لاستمرار «المباركية» حتى لو ذهب مبارك نفسه للجحيم!
●●●
كنسمة صيف حلوة وعفية جاءنا جلال عامر،ليكتب عن أوجاعنا وأحلامنا، ثم تركنا بدون أن يلقى كلمة وداع، أضحكنا بعمقه المبدع ثم أدمى قلوبنا برحيله المفاجئ ودموع متحجرة ترقد فى عيوننا.. نعم رحل عم جلال ولكنه أبدا لن يموت.