عودة إلى وثيقة الأخوة الإنسانية
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 7:15 م
بتوقيت القاهرة
فى ٤ فبراير عام ٢٠١٩ وقع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان وثيقة الأخوة الإنسانية برعاية دولة الامارات. ومن يطالع الوثيقة التى حضرت مراسم إطلاقها يجدها تنطوى على مبادئ انسانية راقية للاخاء بين البشر مثل المساواة والحرية والمواطنة ونبذ العنف والإرهاب، وأهمية الحوار والتنوع وقبول الآخر، واعتبرت الأمم المتحدة يوم توقيع الوثيقة مناسبة سنوية للأخوة الإنسانية، وهناك جائزة تمنح كل عام للشخصيات المؤثرة والملهمة فى تحقيق الإخاء بين البشر، وقد نالها الدكتور مجدى يعقوب هذا العام.
منذ أيام نظمت لجنة الشباب فى بيت العائلة المصرية، فى بيت السنارى الأثرى ندوة بمناسبة مرور خمس سنوات على توقيع الوثيقة، تحدث فيها عدد من الشخصيات المعنية بالشأنين الثقافى والدينى فى مقدمتهم الأنبا إرميا والدكتور أبوزيد الأمير وأدارها كل من د. ناهد عبدالحميد ود. يوسف وردانى.
ورغم ان الجميع اكدوا على أهمية الوثيقة، إلا أن اصواتا كثيرة غلبها آلام الواقع، وتساءلت أين وثيقة الاخوة الإنسانية مما يحدث من قتل وتدمير فى غزة؟
وفى رأيى أن الوثيقة رغم أهميتها لم تشكل ضمير صناع القرار فى العالم تجاه قضايا وأزمات كبرى طيلة السنوات الخمسة الماضية..
أين الاخوة الانسانية مما يحدث فى حروب وصراعات لم يشهد العالم مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية، فى وقت لا تجد فيه الدول الفقيرة التى تكتوى بنار الأزمات الاقتصادية والديون العون والمساعدة من الدول الغنية.
يدفع الفقراء فى العالم ثمنا باهظا لتداعيات وباء كورونا، والتغيرات المناخية التى أدت إلى التصحر والجفاف والفيضانات وتدمير الزراعات وتفشى النزاعات على الموارد، ولا تقدم لهم الدول الغنية المساعدة رغم أنها تتحمل المسئولية الأكبر فى ظاهرة الاحتباس الحرارى.
أين وثيقة الأخوة الانسانية من الظلم والعنف والفقر والتهميش فى العالم؟ ألم يدفع الفقراء فاتورة وباء كورونا فى الوقت الذى استأثرت فيه الدول الكبرى بالامصال والرعاية الطبية والاجتماعية؟ ألا تدفع الان الدول الفقيرة فاتورة الحرب الروسية الاوكرانية فى شكل زيادة أسعار الحبوب والسلع الأساسية؟ لماذا لم يتبنَ بابا الفاتيكان بكل ثقله الدينى عالميا مبادرة للتخفيف عن الدول الفقيرة؟
لا يعنى ذلك انتقادا للوثيقة أو تقليلا من أهميتها أو تحميل مشكلات الكون لها، ولكن إشارة إلى ضرورة تفعيلها. الإشكالية ان دور الدين ذاته تراجع فى تشكيل السياسات والمواقف الدولية، وهو ما يضعف من تأثير وثيقة الاخوة الإنسانية عالميا، رغم تبنى الامم المتحدة لها، وقد يحتاج الامر إلى ابتكار فى نشر الوثيقة من خلال تبنى مبادرات حتى ولو محدودة تربط بين الحوار والتنمية، نظرا لان الشعوب لا تؤثر فيها الوثائق الثقافية لكنها تتأثر بمصالحها المشتركة. من هنا يتلازم الحوار بالتنمية، والعيش المشترك باللقاء بين أهل الاديان.