ما ينبغى أن نتعلمه عن مواجهة كورونا
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 13 مارس 2020 - 9:40 م
بتوقيت القاهرة
هل حان الوقت كى نتخذ قرارا بتأجيل المدارس والجامعات وسائر الفعاليات الجماهيرية، كى نتمكن من مواجهة فيروس كورونا بصورة تضمن لنا تقليل الخسائر إلى أدنى درجة ممكنة؟!.
أطرح السؤال للدراسة والتفكير الجاد بعد أن بدأ الفيروس ينتشر فى العالم بصورة وبائية شرسة، وبعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس تحول إلى وباء أو «جائحة»، وبعد أن بدأت غالبية دول العالم فى اتخاذ إجراءات صارمة لتهدئة انتشاره.
نظرة واحدة على التطورات الأخيرة فى العالم، تجعلنا نعيد النظر فى طريق المعالجة، ونفكر فى اتخاذ إجراءات مختلفة.
الصين التى انطلق منها الفيروس رسميا فى 20 ديسمبر الماضى، أعلنت قبل أيام قليلة، أنها قد تمكنت من السيطرة عليه فى البؤرة الرئيسية، أى ووهان عاصمة مقاطعة هوبى. هى نجحت فى ذلك لأنها اتخذت إجراءات صارمة تمثلت فى عزل المقاطعة والمدينة الموبوءة عن بقية الصين، وعن العالم أجمع. هى تعاملت بطريقة شديدة القسوة، لكنها حققت الهدف، تم تسخير كل إمكانيات البلاد لمحاربة الفيروس، سخرت أيضا الطب الصينى الشعبى بجانب العقاقير الطبية التقليدية.
لكن الخبر السيئ أن انحسار الفيروس فى الصين لم يقض عليه، بل إن البؤرة الرئيسية انتقلت من هناك إلى أوروبا كما أعلن نائب الرئيس الأمريكى بنس يوم الخميس الماضى.
حتى ظهر أمس الجمعة كان عدد المصابين فى العالم ١٣٨٫٢٤٩ ألف مصاب منهم ٧٠٧١٩ ألف معافى، و٥٠٨٢ وفاة.. العدد فى الصين ٨٠ ألفا لكن المفرح أن عدد الإصابات يقل هناك بصورة مطردة. لكن المحزن أن الإصابات تتزايد بصورة قياسية خارج الصين، خصوصا إيطاليا التى وصلت فيها الإصابات إلى أكثر من 15 ألفا و1016 وفاة، وكذلك فى منطقتنا أيضا خصوصا إيران التى قفزت فيها الإصابات إلى ١١٣٦٤ مع ٥١٤ حالة وفاة، كما قفزت الإصابات فى قطر إلى ٢٦٢ إصابة لتحتل المركز الأول عربيا. إضافة إلى انتشار سريع للفيروس فى إسبانيا وألمانيا وأمريكا وفرنسا.
علينا فى مصر أن نتأمل وندرس رؤية العالم المتقدم وتقديره لخطورة المرض فى المستقبل.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت ليلة الخميس إن الوباء ستكون له عواقب وخيمة على النظام الاقتصادى، وإنه تحدٍ غير معروف لنا كيفية مواجهته، ونتعامل مع ما حدث يتفشى ديناميكيا، أى أن عدد المصابين سيزداد بقوة، مقدرة أن ما بين 60٪ إلى 70٪ من سكان البلاد سيصابون به.
وفى أمريكا قال عضو بالكونجرس إن مسئولا طبيا أبلغ الكونجرس أنه يتوقع إذا انتشر المرض أن تتراوح الإصابات ما بين ٧٠ إلى ١٥٠ مليون أمريكى.. أما الرئيس الفرنسى ماكرون فقال إننا فى بداية الأزمة والفيروس يتفشى فى أوروبا.
وفى تقدير 70 طبيبا إيرانيا يعيشون فى أمريكا فإنهم يرجحون أن يكون عدد وفيات الفيروس فى إيران يتخطى 3 آلاف، وربما يعزز ذلك ما أعلنه نائب رئيس البرلمان الإيرانى مسعود بزشكيان بـ«أننا وصلنا إلى وضع كارثى فى أزمة كورونا بسبب الدولة العميقة وعلى روحانى الاعتراف بأنه لا يحكم».
أما بوريس جونسون فقد فاجأ البريطانيين بقوله «إن الفيروس سوف ينتشر، وعلى الجميع التهيؤ لفقد أحباء كثيرين».
العالم المتقدم الذى يملك الإمكانيات الهائلة فى جميع المجالات اتخذ إجراءات ثورية.. إيطاليا كانت الأكثر جرأة؛ حيث لم تكتف بتأجيل اللقاءات والفعاليات الجماهيرية، بل عزلت البلاد بأكملها فى محاولة لوقف انتشار الفيروس، أجلت مباريات الكرة والأحداث الفنية والمعارض، ومنعت الحركة، وعمليا فقد فرضت حظر التجول على الجميع، وألزمت الناس بالجلوس فى بيوتهم؛ لأن رئيس الوزراء قال إننا أمام كارثة وطنية.. وحتى رئيس الوزارء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فقد أجل الدراسة فى المدارس والجامعات، ودعا إلى تشكيل حكومة ائتلافية.. والكويت أجلت الدراسة وألزمت الناس بالبقاء فى بيوتهم.
العديد من البلدان الأوروبية أوقفت الدراسة لمدة أسبوعين على الأقل، والاتحاد الأوروبى أجل العديد من المسابقات الكروية، وتم تأجيل الدوريات الكبرى فى كل من إسبانيا وإيطاليا وإنجلترا. وشركات الطيران تقريبا شبه متوقفة بين غالبية بلدان العالم، حتى يمكن السيطرة على انتشار الفيروس، بل إن بعض البلدان عزلت نفسها عن العالم كى تتمكن من مواجهة الفيروس.
نتمنى أن يعيد المسئولون المصريون النظر فى بعض الإجراءات خصوصا أن الفيروس وصل إلى إحدى مدارس الزمالك، وأحد المستشفيات، وتوفيت أول حالة مصرية فى الدقهلية.
كل التوفيق للمسئولين المصريين فى جهودهم.. وكل الدعوات لهم فى محاولات وقف انتشار الفيروس.. والحديث موصول.