الرقص مع الليكود
وائل قنديل
آخر تحديث:
الإثنين 13 أبريل 2009 - 6:17 م
بتوقيت القاهرة
التقيت حسن نصر الله فى حوار خاص امتد إلى 45 دقيقة، فيما كان مقررا له 25 دقيقة فقط كما طلب مكتبه الإعلامى، كان ذلك قبل أقل من 3 أشهر من الانسحاب الإسرائيلى الكامل من جنوب لبنان مايو 2000 تحت ضغط الضربات الموجعة التى تلقتها إسرائيل على يد المقاومة اللبنانية.. فى ذلك الوقت كان السؤال المحورى: لماذا يحتكر حزب الله وحده المقاومة؟
وسمعت من نصر الله إجابة معقولة على المستوى النظرى، غير أنها مستحيلة فى التطبيق العملى، إذ طرح صيغة لجمع الشباب الراغب فى مقاتلة العدو فى إطار أطلق عليه «سرايا المقاومة» على أساس من الانتساب وليس الانتظام فى صفوف المقاومة، وبعيدا عن الإطار الحزبى والسياسى، على أن يكون ذلك كله تحت إشراف حزب الله.. وفقط.
وفيما بعد أعلنت إسرائيل انسحابها الكامل لتترك المسرح مفتوحا على سؤال لم يتصد أحد للإجابة عنه على نحو جدى، حيث انشغل الجميع بكرنفال احتفالى بالانتصار ودحر الاحتلال، ولم يتوقف أحد ليسأل ماذا ستفعل هذه الآلاف المؤلفة من المقاتلين الذين لم يمارسوا نشاطا فى حياتهم سوى فعل الحرب؟
أذكر فى ذلك الوقت أنه تدفقت قوافل المهنئين بالانتصار من كل العواصم العربية إلى الجنوب اللبنانى، سواء مثقفين مصريين وفنانين ونوابا ورسميين ومقربين من الدوائر الرسمية شاركوا فى أفراح المقاومة بالانتصار، حتى تحولت حارة حريك ــ مقر قيادة حزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت ــ إلى قبلة كل العرب المؤيدين والمتعاطفين مع فكرة المقاومة، وطالت الاحتفاليات وامتدت واختفى فى زحامها السؤال المهم عن مصير المقاتلين، وكانت مزارع شبعا هى المنقذ فسكتت كل الأسئلة أو توارت مع الإلحاح على أن شبعا أرض لبنانية لا تزال تحت الاحتلال فلتستمر المقاومة إذن.
ثم جاء العدوان الإسرائيلى الأكبر على جنوب لبنان فى يوليو 2006 لتستأنف مسيرات الهتاف لحسن نصر الله والمقاومة، خصوصا بعد انكشاف الغطاء عن تواطؤ رسمى عربى مع المحتل الإسرائيلى، وهنا كانت ذروة صعود حسن نصر الله على المستوى الشعبى العربى.
وأخيرا جاء الكشف عن تنظيم لحزب الله فى مصر واعتراف حسن نصر الله بما جاء فى بيان النائب العام المصرى كالصاعقة التى نزلت على رءوس الجميع ليفقد نصر الله معظم رصيده السابق كقائد لمقاومة وطنية مشروعة تؤدى رسالتها فى وضح النهار ويتحول إلى زعيم تنظيم سرى متهم بتصدير القلاقل والمشكلات.
أخطأ حسن نصر الله خطأ فادحا بكل المقاييس، حتى وإن كانت الغاية نبيلة، غير أنه ــ مع كل التقدير والامتنان لدوره السابق فى مقاومة الاحتلال الإسرائلى ــ من العبث أن نصفق له بلا وعى، والأكثر عبثية أن تفتح الأبواب والنوافذ للساقطين والمتحولين والراقصين على إيقاعات ليكودية منحطة لتسفيه فكرة المقاومة وضربها فى العمق، بحيث بدا أن المستهدف ليس حسن نصر الله، بل المقاومة ذاتها.
وائل قنديل
wquandil@shorouknews.com