بين المهزلة والكارثة
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 13 مايو 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
كنت أنوى تخصيص المقال للحديث عن مهزلة التعديل الوزارى، خصوصا الأكذوبة التى ترددها أبواق الجماعة، والتى تلوم المعارضة لامتناعها عن المشاركة فى الحكومة «ثم تشكو الأخونة»، أو حسب قول أحدهم إن المعارضة إذا كانت قد تركت الساحة باختيارها، فلا يحق لها أن تنتقد الجماعة إذا اختارت الوزراء من مواليها، وهى الحيلة ذاتها التى يتعمدون بها إرباك المشهد وخلط أوراقه، حيث يبدأون من «ثانيا»، متجاهلين أن مطلب المعارضة كان إقالة رئيس الحكومة، واختيار شخصية مستقلة تعمل بعيدا عن توجيهات المقطم، ويُختار أعضاؤها من ذوى الخبرة والكفاءة بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية، أما وقد أى الرئيس الاستجابة لناصحيه، وانصاع ــ كالعادة ــ لأوامر مرشده وهوى إرشاده، فلا جدوى من المشاركة فى حكومة لا يملك رئيسها ولا وزراؤها من أمرهم شيئا.
كنت أنوى الكتابة عن هذا التعديل «الهزؤ»، حتى قرأت دراسة المستشار طارق البشرى التى نشرتها «الشروق» الجمعة الماضية، فوجدت أننا إذا كنا أمام مسخرة فيما يتعلق بالتعديل الوزارى، فإننا أمام كارثة صنعتها الحكومة، برضا الرئيس قطعا وبتوجيه الجماعة حتما، يتم عبرها تسليم إقليم قناة السويس تسليم مفتاح لجهة أعلمها وتعلمها، لكنهم كالعادة ينكرون ويكابرون.
سأحاول هنا أن ألخص دراسة البشرى، لكننى أؤكد فى البداية على نقطتين مهمتين: أولاهما أن البشرى لا يخفى ميله للجماعة ولتيار الإسلام السياسى كله، بما يعنى أنه بعيد الصلة عن «جبهة الخراب»، كما أنه ليس مناوئا لا للمشروع الإسلامى ولا لمشروع النهضة.
وثانيهما أنه لا ينتقد المشروع فى ذاته، وإنما الإطار القانونى الحاكم له، والحقيقة أنه لا أحد ضد تنمية إقليم القناة، والمشروع كما تعلم ليس اختراعا إخوانيا، الفكرة طرحها الجنزورى ونظيف من قبل، وتبناها شفيق فى برنامجه الرئاسى.
يقول البشرى إن المشروع يفصل إقليم القناة عن مصر وينزع سيادتها عنه، وهذه بعض أسبابه..
فى مادته الأولى، يعطى المشروع لرئيس الجمهورية الحق فى اقتطاع أى جزء من أرض مصر وبالحدود التى يراها ليدخلها ضمن الإقليم، وهو الذى يضع النظام الأساسى للمشروع ويحدد المناطق والمشروعات الداخلة فيها، كما أن المحافظين التابعين لهذا الإقليم، يكونون فعليا خاضعين لمجلس إدارة الهيئة الذى يتألف من 14 عضوا يختارهم جميعا رئيس الجمهورية، الذى يحق له أيضا أن يستعين بالخبرات المحلية والعالمية التى يراها، ويحق لهذه الهيئة أن تنشئ فروعا لها فى الداخل والخارج (يعنى فى السنبلاوين أو سوازيلاند أو قطر مثلا).
هل انزعجت قليلا.. طيب خد دى..
تعتبر أموال الهيئة أموالا خاصة، وتؤول للهيئة ملكية الأراضى المملوكة للدولة الواقعة فى نطاق هذا الإقليم، ولمجلس الإدارة أن يؤجر ويستأجر ما يشاء من منشآت فى هذا النطاق، كما يحق له انتزاع ما يراه من ملكيات خاصة لمنفعة الهيئة.
ومجلس الهيئة الذى يعينه الرئيس يحق له وحده تخصيص الأراضى لاستثماراتها وتسجيل الشركات وتحرير العقود ووضع نظم بناء المطارات والموانئ والمستشفيات والمدارس فى الإقليم (يعنى دولة داخل الدولة).
هل عرفت الآن لماذا يستميتون فى الدفاع عن مرسى والإخوان؟.. ولماذا بعض الدول لديها استعداد لأن تضخ مليارات الدولارات لإنقاذ مرسى والحيلولة دون سقوطه، وإبقائه جاثما على أنفاس المصريين؟