استخلاصات بعد سبعة أشهر على القتال

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الإثنين 13 مايو 2024 - 8:23 م بتوقيت القاهرة

الشرّ الإنسانى لم يولد مع النازيين، ولم يمت معهم. لقد كان هناك مصادر للشرّ فى العالم، وفى تاريخ شعبنا مثل المذبحة التى نفّذها الرومان وتهجير شعبنا، بعد تمرُّد بار كوخفا. اليوم، توجد مصادر شرّ قادرة على ارتكاب «فظائع»، كما أثبتت «حماس» يوم 7 أكتوبر.

حتى لو جرى الإعداد للهجوم ضد إسرائيل واليهود بتخطيط مسبق، وبعناية، وحتى لو قام طلاب وأساتذة مسلمون، طوال سنوات، بإعداد التنظيمات الطلابية المعارِضة للصهيونية، لهذه اللحظة وهذه الأحداث، وحتى لو كانت تظاهرات «التيار التقدمى» كما يدّعى، يقودها فى الولايات المتحدة وأوروبا مسلمون – فإن «الفظائع» التى ارتكبتها «حماس» لا تشكل اعتبارا له وزنه فى الهجمات ضد إسرائيل، وكعادته، يسارع العالم إلى لوم اليهود.

سيكون من الخطأ تجاهُل عاملَين يعملان ضدنا بشكل شرعى: أولا، التضامن العربى والإسلامى. الحديث يدور حول شعوب، الكرامة بالنسبة إليها شىء مهم، وتشعر بالتضامن عندما تواجه كل ما هو غريب عنها... انتصار إسرائيل فى سنة 1948 يشكل جرحا مفتوحا فى الكرامة العربية بصورة خاصة، والإسلامية عموما.

حتى لو أقام بعض الدول العربية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل - بعكس موقف الجماهير التى قبلت ما قرره الحكام رغما عنها ــ فإن الشعور بالكرامة ينهض عندما تضرب إسرائيل العرب مرة أُخرى. وفى الوقت نفسه، فإن ما يُعتبر انتصارا ــ ويجب أن نعترف أن «حماس» وجّهت إلينا ضربة ثقيلة جداً خلال يوم كامل ــ يرمّم الكرامة العربية المهانة، وسيُحفظ فى التاريخ كحدث مفصلى.

وعلى الرغم من «الفظائع» التى نفّذتها «حماس»، ومن الضربة القاسية التى لحقت بالغزيين والغزاويات نتيجة ذلك، فإن ما يجرى يثير الكراهية لإسرائيل واليهودية، والرغبة فى إعادة الاعتبار إلى الكرامة العربية.

العامل الثانى، هو معاناة الشعب الفلسطينى عموما، وبشكل خاص سكان غزة خلال النصف عام الماضى. إن وجود نحو 5 ملايين فلسطينية وفلسطينى يعيشون فى هذا البلد تحت الاحتلال، أو تحت حصار إسرائيلى جزئى، وعدد آخر مشابه، هم لاجئو ولاجئات الـ48 الذين يعيشون فى الأردن وسورية ولبنان ــ عبارة عن جرح مفتوح فى الوعى العربى، ومصدر تضامُن وعدم استقرار.

مشاهد الدمار والقتل فى غزة تفتح من جديد قصة الذل والأذى اللاحقَين بالكرامة العربية والإسلامية. نحن لا نرى فى إسرائيل هذه المعاناة والقتل، وذلك بسبب «مجاملة» الإعلام الإسرائيلى لنا، إلّا إن العالم العربى يرى هذه المشاهد، بفضل الجزيرة والقنوات الإعلامية الغربية، بشكل يومى، ويزداد ألمه وكراهيته. كما تؤثر هذه المشاهد فى الغرب، وتؤدى إلى إحياء كراهية اليهود الموجودة لديهم أصلاً، وإن كانت خامدة.

إذا، الصورة هى أن إسرائيل كانت وستظل تعيش فى خطر يشكله العرب وأتباع الدين الإسلامى من حولها ــ وحتى فى داخلها ــ بما فى ذلك الدول التى وقّعنا معها اتفاقيات سلام، ما دام الصراع الدموى لا يزال مستمرا مع الجانب الفلسطينى. هذا الخطر سيكبر، منذ الآن، وسيصل إلى مستويات تشبه تلك التى شهدناها فى هجوم 7 أكتوبر. لا تستطيع إسرائيل الاعتماد على العالم الغربى، ولا حتى على الولايات المتحدة، كما أن التأييد لنا محدود أصلا فى العالم المسيحى، والطلاب التقدميون سيشكلون قيادات الغد، والهجرة الإسلامية الواسعة يمكن أن تؤثر فى الغرب، وأن ترجح الكفة ضدنا.

الخلاصة الضرورية هى أن على دولة إسرائيل العمل على حلّ الصراع مع الشعب الفلسطينى ــ وفى الوقت نفسه، عليها بناء قوة عسكرية أكبر بكثير مما لديها حاليا، وهو ما سيساعدها على الصمود وحدها فى حرب طويلة. ويجب على العالم اليهودى تنظيم صفوفه لمحاربة معاداة السامية بطريقة أفضل مما هى عليه الآن.


ميشكا بن دافيد
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved