استرجل.. أو اصمت

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: السبت 13 يونيو 2009 - 7:19 م بتوقيت القاهرة

 
أفهم أن تندفع ربات بيوت بحماس لـ«التوحم» على أوباما، وتقرر إن رزقت بمولود أن تسميه أوباما، أو أن ينبهر به شاب من جيل «الطحن» فيضع صورته على تى شيرت.. لكنى لا أستطيع أن أتفهم أو استوعب أن يندفع مثقفون ونواب وأساتذة جامعة إلى ممارسة رقصة أوباما بحماس بالغ، بينما لا يزال من المبكر جدا أن نحكم على سياسات الرجل، أو أن نقرر: هل هو تغيير فى شكل السياسة الأمريكية أم تحول جذرى فى مضمونها.

يقول الخبر إن المجلس المصرى الأوروبى الذى يضم تشكيلة هائلة من رجال الأعمال والنواب وأساتذة الجامعات بصدد إطلاق جمعية تحمل اسم «جمعية أصدقاء أوباما» تهدف إلى إبراز الدعم لسياساته فى مواجهة معارضى هذه السياسات بالداخل الأمريكى.

ولا أدرى هل ستكون هذه الجمعية فى حالة إشهارها تابعة لوزارة التضامن الاجتماعى (الشئون الاجتماعية سابقا) مثلها مثل «جمعية أصدقاء لبن الأم» تلك اللافتة المضحكة التى ظلت تتصدر أحد الشوارع فى ميدان لاظوغلى لسنوات طويلة، أم أنها لا تخضع لقانون الجمعيات وتحلق فى الفضاء العالمى بلا أى قيود أو استحقاقات أو التزام بالكشف عن مصادر التمويل وأوجه الإنفاق؟

ولا أعرف إذا كان توجه الجمعية بخطابها إلى الداخل الأمريكى يعد نوعا من التدخل فى الشئون الداخلية للولايات المتحدة، أم أن واشنطن لديها من سعة الصدر واتساع الأفق ما يسمح لمثل هذه الجمعيات بممارسة نشاطها دون أن تطلق نفير الحرب وترفع درجة الاستعداد إلى اللون البرتقالى فى مواجهة غزو ثقافى داهم يهدد عقلية المواطن الأمريكى؟.

وفى حالة إشهار الجمعية وانطلاق عملها من سيكون ممثلوها فى الولايات الأمريكية من المواطنين الأمريكان أم من المصريين والعرب، وهل ستنظر لهم الجهات الأمريكية المعارضة لتوجه أوباما على أنهم مجموعة من العملاء والمتمولين الذين ينفذون أجندة خارجية.. أم ستعتبرهم مجموعة من الأولاد اللطاف الذين لا يمثلون أية خطورة لو سمح لهم باللعب البرىء فى حديقة الديمقراطية الأمريكية ؟

كنت أتمنى لو أن السادة أعضاء جمعية «بالروح بالدم نفديك يا أوباما» تريثوا قليلا حتى يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، بدلا من هذا الهتاف المجانى لرجل لا يزال حتى هذه اللحظة كتابا مغلقا بغلاف مبهر لم نقرأ منه سوى بعض سطور من مقدمة مكتوبة بحرفية شديدة لجذب المتلقى.

كن رجلا.. أو اصمت

كنت قد قررت إغلاق باب السجال مع هذا الغارق فى أوهام تفرده.. ومازلت ملتزما لكنى أهمس فى أذنه: ليس من الرجولة فى شئ أن يختبىء صحفى محترم خلف رسالة قارئ، يستدعيه على صفحات مطبوعته لكى يسب خصمه.. أو أن يدور على الفضائيات مقدما نفسه فى هيئة الضحية فى محاولة رخيصة لاستدرار عطف المشاهدين.. استرجل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved