الذين يشعلون الحرائق.. كى يطفئها الرئيس
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأحد 13 يونيو 2010 - 9:59 ص
بتوقيت القاهرة
سينطفئ أسبوع الحرائق فى مصر بضغطة زر واحدة من الرئيس.. سيعود المحامون إلى ثكناتهم ويخلعون الكاكى، وسيشعر رجال القضاء بارتياح للنهاية السعيدة للأزمة.
سوف يعبر البابا شنودة ورجال الكنيسة والأقباط عن غبطتهم لحكمة الرئيس التى حمت مصر من شر مستطير، وسيقول الفقهاء إن تدخل الرئيس حفظ للقضاء قدسيته وهيبته وحافظ على قداسة النصوص الإنجيلية، وعبر بمصر واحدا من أخطر المنعطفات الحادة التى واجهتها مؤخرا.
تماما كما أعلنها القط الرشيق فى أخبار اليوم أمس بعنوان بارز «كالعادة.. الرئيس يصحح الأخطاء» احتفالا واحتفاء بقرار الرئيس «التاريخى كالعادة» بإعلاء سيادة القانون وإلغاء التعاقدات الخاصة ببيع فندق جزيرة آمون بأسوان والذى تمتلكه شركة خاصة بوزير الإسكان الحالى ووزير النقل السابق، وذلك فى أعقاب كشف المهزلة بلجنة برلمانية يوم الخميس الماضى توصلت إلى أن الوزيرين حصلا على أرض الجزيرة مقابل 80 جنيها للمتر فقط.
ثلاث حرائق تم إشعالها بمهارة فى غضون عشرة أيام، ثم تركوا ألسنة اللهب تنتشر وتتصاعد وتستمر، فلما بدا أنها لا تنطفئ، ظهر اسم الرئاسة والرئيس، فتبدلت الأحوال، وساد حديث التهدئة، وتلاشت نذر الخطر خلال ساعات قلائل، قيل ذلك عن أزمة المحامين مع القضاة، وأزمة القضاة والكنيسة.. شكرا سيادة الرئيس، سيكون هذا هو العنوان الأبرز فى الصحف الحكومية غدا أو بعد غد.
فى مهزلة أرض آمون تبين أن ما بحت به الأصوات عن خطيئة توزير رجال الأعمال لم تكن مزايدات تمارسها المعارضة، ولم تكن أوهاما يروجها أسرى الفكر القديم من مجاذيب الستينيات كما يحلو للبعض أن يردد «عمال على بطال» ولعل تدخل الرئيس ــ شخصيا ــ فى مسألة أرض الوزيرين وقراره بإلغاء جميع التعاقدات الخاصة بجزيرة آمون، هو بمثابة اعتراف متأخر بخطأ الخلط بين الخاص والعام، وتسليم بأن نظرية «رجال الأعمال الملائكة» لم تكن إلا وهما كبيرا، حيث يستحيل نظريا وعمليا، فصل الزيت عن الماء بعد مزجهما فى وعاء واحد..
والصحيح فى هذه الحالة أن يقال إن الرئيس تدخل لإزالة أعراض المرض فقط، لكن المرض أو الخلل سيظل موجودا وقائما وستظهر أعراضه فى مناسبات ومواقف أخرى طالما بقى صاحب أو شريك فى مجموعة مستشفيات استثمارية وزيرا للصحة، وصاحب شركات للنقل والمحركات وزيرا للنقل، ويمكنك القياس على ذلك فى عديد من المواقع الوزارية فى مصر.
غير أنه لا يمكنك أن تمنع نفسك من التخابث والتماكر وتتساءل بسذاجة مثلى، إذا كان حل أزمتى «المحامين× القضاة) و(الكنيسة× القضاء) متوقفا على تدخل الرئاسة والرئيس، فلماذا لم يحدث هذا التدخل مبكرا قبل أن تمتد ألسنة النار إلى كل مكان فى مصر؟
من الذى يشعل الحرائق وينفخ فيها حتى تبدو وكأنها عصية على الإطفاء، ثم يأتى الرئيس، وفى لحظة واحدة تنطفئ الحرائق؟