صور نمطية

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الأحد 13 يونيو 2010 - 11:16 ص بتوقيت القاهرة

 إنت بتعيش حياتك فى الغالب وفقا لقواعد وضعها الآخرون وخبرات مروا بيها، يمكن ماتكونش اختبرت صحة اللى علموهولك بشكل عملى لكنك عارف بالفطرة إن اللى بيقولوه فى الغالب صحيح. عارف إنك لازم تنفخ فى الشوربة قبل ما تشربها وإلا هتلسع لسانك وإنك ما ينفعش تركب أتوبيس إذا كنت شايل فلوس كتير وإلا هتتنشل وإنك ضرورى تبعدى عن الشارع يوم حفل افتتاح فيلم «دينا» الجديد إلا إذا كنتى غاوية تقدمى نفسك على طبق من فضة للسادة المتحرشين.

وفى حين أن كل ما سبق هو كلام جميل وكلام معقول ما أقدرش أقول حاجه عنه، لكن نفسك الأمارة بالسوء قد تدفعك أحيانا للتشكيك فى صحة أشياء أخرى يخبرك عنها الآخرون.

فتشكك مثلا فى النظرية القائلة إن كل قصير مكير، أو تأكد أنك قابلت فى يوم دمياطى ماكانش بخيل ولا حاجة، أو تحاول إقناع الآخرين إن ابن البواب ابن ناس برضه ما هو لا أبوه سمكة ولا أمه عصفورة يبقى ابن إيه يعنى؟، لكن سرعان ما يعيدك المجتمع إلى المسار الصحيح لتحترس من كل قصير وتتأفف من ابن البواب وتستبيح معاكسة أى فتاة بدعوى أنها «هى أصلا عايزة كده».. دى حضرتك اللى اسمها «صور نمطية» نجمع شوية ناس فى مجموعة ونعمم عليهم صفة فى الغالب سيئة وننام مرتاحين البال،

أنا مثلا زرت أوروبا بمنطق مشابه: «العنصرية ضد المسلمين على أشدها وأى واحدة لابسة الحجاب فى الشارع بالتأكيد ستتعرض لمتاعب ليس لها أول من آخر». ساهم فى تعزيز الاعتقاد ده تعرضى للتفتيش الذاتى فى المطار دون أى سبب مقنع، ثم مشاركتى فى مناقشة مع صحفية أوروبية حلفت للناس أيمانات الأوروبيين كلها أن النساء المسلمات يفضلن الحرق على أن يرتدين الحجاب وأن كل من تقول إنها ترتديه باقتناع إنما هى غبية أو متطرفة ..

شعورى بالغضب بعد المناقشة دى وصورة «مروة الشربينى» اللى كانت ملازمانى من أول لحظة لمست قدمى فيها أرض المطار هما اللى خلونى أنط فى الهوا لما لمحت الست دى بتقرب منى فى محطة القطار..

ارتعدت من الخوف بينما اقتربت فى هدوء باسم «تحبى أساعدك فى شيل الشنط؟».. هزيت راسى نفيا بعصبية فانصرفت باسمة، وبينما أنا ما زلت تحت تأثير الصدمة وأنا بحاول الصعود للقطار إذا بهذا الرجل ينزل من القطار ليساعدنى فى حمل الشنط للداخل.. طبعا رد فعلى الطبيعى المنطقى إنى أتلفت حواليا وأدور على الكاميرا الخفية..

الناس دى متفقة مع بعضها بأه والا إيه؟.. داخل القطار جاءت جلستى أمام بنت على صدرها وشم كبير لنسر ماسك فى منقاره تعبان وشعرها كان ملون بكل درجات الأشقر والأحمر اللى شفتها فى حياتى مدت إيدها على شنطتها فاستعديت عشان أرمى نفسى من الشباك بالتأكيد هتطلع سكينه أو مسدس هتطلع إيه تانى يعنى؟.. أشهد أن لا إله إلا الله.. والله كنتى حلوة وصغيرة.. وبينما أستعد للنط إذا بها تعرض أن تترك لى مقعدها إذا كنت أفضل الجلوس بجوار النافذة..

فى محطة الأتوبيس عرضت على فتاة صغيرة أن تساعدنى لأعرف الرقم الصحيح للأتوبيس الذى سأستقله.. فى المطعم تطوع النادل وأخبرنى أن نوع الصلصة التى اخترتها لا يناسبنى لأن أحد مكوناتها هو النبيذ.. فى إحدى الندوات قدمت لى سيدة فى الستين هدية ملفوفة بعناية فتحتها لأجد بداخلها «طرحة» زاهية الألوان..

أما أكثر المواقف إحراجا بالنسبة إلى كانت عندما اقترب منى شاب ليسألنى «إنتى مصرية؟.. أصل أنا جزائرى» وبينما أنا أخطط للوسيلة المناسبة للفرار والطرق الممكنة للدفاع عن النفس قاللى «ما تخافيش أنا عايز أساعدك ..إحنا بنحبكوا والله».. الله يلعن ماتش الكورة اللى هيعمل كده فى الناس..

الخلاصة يا فندم إن أنا اتعلمت وانت كمان لازم تتعلم إن ما ينفعش تقول إن كل دمياطى بخيل، أو كل قصير مكير، أو كل صاحب دقن يبقى متطرف، أو كل بنت مش محجبة تبقى صايعه، أو كل صعيدى أكيد ما بيفهمش، أو كل منوفى هيبقى رئيس جمهورية... وما ينفعش تقول إن كل غربى عنصرى أو كل اليهود عايزين الحرق، زى ما هو ما ينفعش يقولوا إن كل مسلم إرهابى ..زى ما فيه ناس سيئة فى أى مكان ..فيه برضه ناس كويسين.. بلاش صور نمطية بلاش تعميم.






هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved