الخليج بعد خمس سنوات من الانتفاضات العربية
العالم يفكر
آخر تحديث:
الإثنين 13 يونيو 2016 - 11:10 م
بتوقيت القاهرة
نشر مركز الخليج لسياسات التنمية دراسة تهدف إلى رصد المستجدات فى أوجه الخلل المزمنة التى تواجه دول مجلس التعاون الخليجى. وتفرد الدراسة ملفاتها على أساس أربعة محاور، وذلك تلازما مع أوجه الخلل المزمنة الأربعة التى تعانى منها دول المجلس، والمتمثلة فى الخلل السياسى والاقتصادى والأمنى والسكانى. وقد قامت هذه الدراسة بالتركيز على تقييم السنوات الخمس التى تلت اندلاع الانتفاضات العربية، والنظر إليها من مجهر أوجه الخلل المزمنة؛ ففى قسم الخلل السياسى، يتم التركيز على تقييم المحصلة السياسية فى كل من دول المجلس فى الفترة من 2011 إلى 2015. أما الخلل الاقتصادى، فيركز على تحليل تداعيات انخفاض أسعار النفط على ميزانيات دول المجلس فى الفترة من 2015 إلى 2016، ومقارنتها بفترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى. أما فى الخلل السكانى، يتم التركيز على دور المرأة فى سوق العمل فى دول المجلس العربية، وتحليل رؤى وسياسات دول المجلس التنموية والسكانية من منظور المرأة. أخيرا، يركز الخلل الأمنى على العلاقة بين دول المجلس وإيران والعراق منذ فترة الحرب العالمية الثانية وحتى 2016، ثم يتطرق إلى تحديات أمن الطاقة فى دول المجلس.
الخلل السياسى
ركزت الدراسة هنا على مراجعة وتحليل مجريات الساحة السياسية فى كل دولة من دول المجلس خلال السنوات الخمس الماضية. وإجمالا، فقد أحكمت السلطات بهذه الدول، سيطرتها على الأوضاع السياسية المحلية؛ إذ اعتمدت كل دول المجلس بلا استثناء على الحلول الأمنية والمادية فى تعاطيها مع شعوبها، ولو اختلفت النسبة بين كل دولة. فى المقابل، فإن الإصلاح السياسى الجذرى لم يلقَ نصيبا واسعا فى أى من دول المجلس. ولازال صنع القرار متمركزا فى مجموعة قليلة. على الرغم من أن وتيرة التحركات والاحتجاجات السياسية قد خفت على مدى الخمس سنوات التى أعقبت 2011، خصوصا فى الفترة التى تلت أحداث سيطرة الحوثيين وعلى عبدالله صالح على صنعاء، وعليه فإنه من السذاجة الاستنتاج بأن شعلة الاحتجاجات قد انطفأت كليا.
الخلل الاقتصادى
تطرقت الدراسة هنا إلى أوجه التشابه والاختلاف فى سياسات دول مجلس التعاون تجاه رواج وانخفاض أسعار النفط فى الثمانينيات من القرن الماضى، فى مقابل رواجها وانخفاضها خلال الأعوام 2001 إلى 2016، كمحاولة لإدراك الثابت والمتغير فى الظروف، ومدى استفادة دول مجلس التعاون من دروس الماضى. وإن لم يتم الاستفادة من تلك الدروس خلال فترات رواج أسعار النفط، فلا يزال فى الوقت متسعا للاستفادة منها أثناء فترة انخفاض الأسعار، من أجل تجنب حالة الركود الاقتصادى التى خلفها انهيار أسعار النفط فى منتصف الثمانينيات، والتخلص من تبعات تذبذبات أسعار النفط وما تلحقه من أضرار على اقتصاديات دول المجلس.
الخلل الأمنى
يتمثل جوهر الخلل الأمنى فى عدم مقدرة دول المجلس على الدفاع عن نفسها وتأمين الاكتفاء الذاتى من الحماية العسكرية. وتركز الدراسة هنا على الجذور التاريخية التى تحدد العلاقة فيما بين الدول التى تطل على الخليج العربى، وخاصة على العلاقات ما بين دول مجلس التعاون وإيران والعراق. أما الملف الآخر فى هذا القسم، فيركز على «أمن الطاقة» فى دول المجلس، فإلى جانب كون النفط العمود الفقرى لاقتصادات دول المجلس، فإنه يمثل المصدر الأساسى للاستهلاك المحلى للطاقة. وهذا يحتم على صناع القرار فى دول المجلس البحث عن استراتيجيات لتحصين أمن الطاقة من الضغوط المتوقع أن تزداد مع مرور الزمن.
الخلل السكانى
تركز الدراسة فى هذا القسم على واقع المرأة فى دول المجلس، من خلال ملفين؛ يتطرق الملف الأول إلى واقع مشاركة المرأة فى سوق العمل، ويبحث عن الأسباب التى قد تعيق مشاركتها، أما الملف الثانى، فيركز على دور المرأة ومكانها فى خطط الدولة التنموية والسكانية. وتشير الدراسة إلى وجود تناقض ملحوظ بين رغبة الدولة فى تهدئة مخاوف المواطنين من تأثير الخلل السكانى، عن طريق تأكيد دور المرأة فى الحفاظ على الأسرة، وبين رغبتها فى تصدر المؤشرات العالمية المتعلقة بتمكين المرأة الاقتصادى والسياسى. ويبقى التصور سلبيا للمرأة العاملة، وكأن مشاركتها فى الفضاء العام يأتى على حساب الأسرة دائما. ولا زالت المرأة غير قادرة على تحصيل حقوقها الكاملة، خاصة مع ازدياد المسئوليات الملقاه على كاهلها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدولة التى تحاول رسم صورة نمطية للمرأة ومكانتها فى المجتمع، قد يكون لها ناتج سلبى لنظرة المجتمع بشكل عام للنساء، وأيضا لنظرة المرأة لذاتها.
توصيات الدراسة:
• تؤكد الدراسة على أن عقد الأمل على متخذى القرار منفردين لإصلاح أوجه الخلل المزمنة رهان ضعيف من قبل الشعوب؛ ففى كثير من الأحيان يكون متخذو القرار أنفسهم هم السبب الرئيسى فى استفحال أوجه الخلل، بل وتتلاقى مصالحهم مع تفاقمها.
• تؤكد الدراسة على ضرورة وجود وعى لدى جميع الأطراف، بما فيها الفئات الحاكمة، بأن القضية ليست «غالب أو مغلوب»، بل مصير منطقة وشعوبها، وقد أصبح لزاما المصارحة والمشاركة الشعبية لمواجهة الأزمات، بهدف الانتقال لغد أفضل للخليج.
• تشير الدراسة إلى أن خارطة الطريق الأمثل تتمثل فى: بلورة آلية لمشاركة كل مكونات المجتمع فى وضع عقد اجتماعى جديد، ترسمه هذه الأطراف فيما بينها متشاركة، يتم عبرها تحديد حقوق وواجبات المواطنين والدولة، بدلا من أن يتم رسمها خلف الجدران، بشكل تحتكره الفئة الحاكمة ومستشاريهم من الخارج.
• أخيرا ترى الدراسة أن التحديات التى تواجه دول المجلس تتطلب نقاشا صريحا يشارك فيه كل من له مصلحة فى بناء مستقبل لدول المجلس قوامه الوحدة والديمقراطية والتنمية. وفى هذا السياق، تمثل هذه الدراسة محاولة للمساهمة فى فتح حوار حول سبل الوصول إلى دولة ليست قوية بأجهزتها الأمنية، بل قوية بسواعد أهلها وتكاتفهم.