متعة الأداء الغائبة
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الثلاثاء 13 يونيو 2017 - 9:55 م
بتوقيت القاهرة
** «خرجنا من تصفيات كأس العالم بالتعادل مع المغرب بدون أهداف»..
«المغرب أفضل من كل الوجوه وأحق بالصعود»
«تشكيل سيئ للفريق المصرى وأداء سيئ وتغيير سيئ»
« 120 ألفا يحركون الحجر لم يفلحوا فى تحريك الفريق»..
** تلك بعض مانشيتات نشرتها «الأهرام فى 9 مايو 1981.. وقبل ذلك بسنوات وعقود وبعد ذلك بسنوات وعقود ظلت لغة الإعلام كما هى، تنعى الخسائر، وتنعى الأداء، وتنعى لوغاريتمات منتخب مصر، واللاعب المصرى، الذى يهزم ويستهام وبنفيكا أبطال أوروبا. وينهزم أمام مدغشقر.
** هذا ليس جلدا للذات، وإنما إقرار واقع.. فكيف يمكن أن يطلب البعض من الإعلام غض النظر عن سوء الأداء، أو تبرير وتمرير هذا السوء الذى شاهده الجميع؟
إن عنق الزجاجة والبدايات السيئة لفرقنا ومنتخبنا من أسوأ المظاهر فى البطولات والمنافسات التى نخوضها، على الرغم من أن مصر بطلة القارة الإفريقية 7 مرات، وكان يجب أن تفوز باللقب فى مرات أخرى، بجانب أن الأندية المصرية هى الأكثر تتويجا على مستوى بطولات الأندية الإفريقية.. والواقع أن أداء المنتخب أمام تونس فى بداية تصفيات كأس القارة لعام 2019 ليس بجديد على الكرة المصرية. ورد فعل الإعلام والشارع المصرى ليس بجديد.. إنها نفس الاتهامات، ونفس الانتهاكات، ونفس التهكمات.
** أمسك الجمهور وأمسك بعض الإعلام فى فتة كوبر، مع أن الإعلان كان طريفا ولطيفا، وحين اتهم كوبر بالإساءة لشعب مصر بهذا الإعلان كان ذلك أسخف ما قيل، ومنتهى التسطيح. ولا علاقة للإعلان بأداء المنتخب. وأثق أن ملايين المشجعين أحبوا الرجل بهذا الإعلان وبروحه المرحة. لكن الطرافة خارج إطار وحدود الملعب شىء، وما حدث داخل ملعب رادس شىء آخر.. وهو نتاج فلسفة المدرب كوبر أحد تلاميذ المدرسة الدفاعية الأرجنتينية، وقد أوضحنا منذ توليه المسئولية أنه من ابناء هيليينو هيريرا المدرب الأرجنتينى الأصل والإيطالى الجنسية مبدع الكاتناتشيو. كما أن كوبر من المعجبين بمدرب أتلتيكو مدريد سيميونى. وكلنا أعجبنا بهيريرا، وبسيميونى أيضا. وأهم أسباب الإعجاب هو جمال الأداء الدفاعى، فهو ليس عجزا أو قلة حيلة وإنما تنظيم شديد مع إبداع فى الهجوم المرتد أو بالمعنى الأدق: «تنظيم آخر للفريق لإتقان ما يفعله بالكرة حين يمتلكها».
** أهم حقيقة فى مباراة مصر وتونس هى أن بطل تلك المباراة هو معلول. . هو معلول المدرب. ومعلول اللاعب.. فقد نجح نبيل معلول فى تعطيل كل مفاتيح وكل نجوم المنتخب. بالرقابة والضغط العالى والحصار. وقد كان منتخب تونس منظما جدا دفاعيا، ومنظما جدا هجوميا فلم يندفع، ولم يتخل عن تنظيمه. كما كان سريعا فى التحول دفاعيا وهجوميا.
** أداء منتخب مصر يستحق النقد وقسوته. فالفريق كان عاجزا حقا. لكن أهم أسباب هذا العجز هو براعة منتخب تونس. ثم حالة الإرهاق التى أصابت اللاعبين.. إرهاق ذهنى وصل إلى المدى بعد دقائق قليلة من البداية نشط فيها المنتخب قليلا، ثم سرعان ما أصاب الفريق كله اليأس بسبب الأداء التونسى ودقته وصلابته وتنظيمه.. ثم كان هناك الإرهاق البدنى وهو يتضاعف حين يصاب اللاعب بالإرهاق الذهنى، نتيجة اليأس من التمرير، ومن التسديد، ومن التحرك ومن المساندة. ونتيجة الشعور بالتعاسة أثناء اللعب. فالبهجة من أهم أسرار الإبداع والانطلاق والشجاعة والمتعة.. وكل هذا غاب ومازال غائبا!