علاقات القاهرة وواشنطن وانتخابات أمريكا

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الخميس 13 أكتوبر 2016 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

لا يمثل الشأن المصرى أى أهمية تذكر فى حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجارية حاليا، إلا أن لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى بمرشحى الرئاسة الشهر الماضى فى مدينة نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، جعل النظر لموقف المرشحين من تطورات الأوضاع فى مصر نقطة مثيرة للاهتمام خاصة بعد صدور بيانات رسمية من حملتى المرشحين بخصوص اللقاء. كذلك كان لتعليق السيسى لوسائل إعلام أمريكية عن لقاءاته وانطباعاته عن المرشحين سببا إضافيا لجذب الاهتمام. ولكى نفهم وضعية الشأن المصرى فى الانتخابات الأمريكية، وكيف ينظر كلا المرشحين للقضايا المصرية ولعلاقات البيت الأبيض بقصر الاتحادية، يجب أن ندرك أولا طبيعة التغيرات التى طرأت على علاقات الدولتين منذ منتصف 2013.

●●●

بعدما جمد الرئيس باراك أوباما الإمدادات العسكرية لمصر عقب تدخل الجيش والتداعيات العنيفة للإطاحة بالرئيس محمد مرسى فى الثالث من يوليو، استأنفت واشنطن برامج المساعدات العسكرية بشروط جيدة قبل عام ونصف العام تتضمن أن تقتصر نظم التسليح الجديدة على أربعة مجالات هى مكافحة الإرهاب (الشراكة فى الحرب الأمريكية على الإرهاب) والحفاظ على الأمن فى سيناء (مكافحة الجماعات الإرهابية هناك)، تأمين الحدود (ضبط الحدود بين غزة وسيناء بما يمنع التهريب)، وأخيرا الأمن البحرى (مواجهة الهجرة غير الشرعية). كما أن قرار استئناف المساعدات ارتبط باستبدال طريقة تمويل شراء الأسلحة الأمريكية، فبدلا من نظام فتح خط ائتمان يسمح بالدفع الآجل، وهو ما سمح بتمويل صفقات عسكرية كبيرة تتخطى قيمتها إجمالى قيمة المساعدات فى عام واحد، وهو الأسلوب المفضل للحكومة المصرية، إلا أن تغييرا كبيرا فرضه الجانب الأمريكى إذ سيتم تمويل المشتريات العسكرية عاما بعام بدء من 2018 بدون فتح خطوط ائتمان، وهو ما يحرم مصر من ميزة التعاقد والدفع اللاحق، ويضمن لواشنطن فى الوقت نفسه التحكم فى قدرة القاهرة على عقد صفقات سلاح مرتفعة القيمة.

كذلك تركت الإدارة الأمريكية شروط شهادة وزير الخارجية أن مصر تسير فى طريق التطور الديمقراطى لحجز 15% من قيمة المساعدات، ويمكن منح هذا الجزء من المساعدات إذا رأى وزير الخارجية ان هذا يدعم الأمن القومى الأمريكى.

وليس من المتوقع حدوث أى تغيير فى استراتيجية واشنطن للتعامل المستقبلى مع الجيش المصرى ونظم تسليحه وطريقة تمويل مشترياته من الأسلحة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية القادمة. ووصول رئيسة من الديمقراطيين يعنى استمرار سياسة أوباما تجاه مصر، ولا أعتقد حتى مع وصول رئيس جمهورى للبيت الأبيض أن يحدث أى تغيير لرؤية واشنطن للدور المستقبلى للجيش المصرى حيث يوجد توافق جمهورى ديمقراطى على هذه الرؤية فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية وطريقة منحها.

●●●

جاءت لقاءات السيسى بترامب وكلينتون كى تعطى زخما لعلاقات القاهرة مع الرئيس الأمريكى القادم. حملة ترامب عبرت عن «دعمه القوى للحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب». وأضاف البيان أن «السيد ترامب أعرب عن دعمه القوى للرئيس السيسى فى الحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب، وكيف أنه فى ظل إدارة ترامب، ستكون الولايات المتحدة صديقا وفيا، وليس مجرد حليف، يمكن أن تعول عليه مصر فى الأيام والسنوات المقبلة».

فى حين ذكرت حملة كلينتون فى بيان لها أنها ناقشت أهمية احترام حكم القانون وحقوق الإنسان مع السيسى، وإلى أنها ناقشت أيضا سبل محاربة الإرهاب خاصة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش». وأضاف البيان أن كلينتون حثت الرئيس السيسى على إطلاق سراح الناشطة مزدوجة الجنسية آية حجازى المسجونة فى مصر منذ عام 2014 على خلفية نشاطها فى جمعيات أهلية. وقالت مسئولة فى حملة كلينتون إن موقف كلينتون من مصر «لم يتغير» وأنها تدرك التعقيدات فى العلاقات الثنائية بين البلدين، وتدرك أهمية مصر لحفظ التوازن فى منطقة الشرق الأوسط والوساطة التى تقوم بها بين إسرائيل والفلسطينيين.

●●●

وهكذا يبدو نظريا أنه من الأفضل لمصر قدوم رئيس مثل ترامب، إلا أن الواقع يؤكد أن كلينتون تدرك أكثر عمق وأهمية العلاقات مع مصر على الرغم من تحفظاتها على حالة حقوق الإنسان والجمود الديمقراطى فى مصر. وربما تتعدى فوائد وصول كلينتون لسدة الحكم مثيلتها عند ترامب بالنسبة للنظام المصرى. وعلى الرغم من وجود حديث عن اهتمام كلينتون ونائبها السيناتور تيم كين بقضايا الحريات والمجتمع المدنى وحقوق الإنسان، فإن برجماتية كلينتون لا تقف بها عند هذه القضايا لإيمانها بسمو وأهمية العلاقات الأمنية مع مصر مثلها مثل كل الرؤساء السابقين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved