الأسوانى فى مواجهة التطبيع

سلامة أحمد سلامة
سلامة أحمد سلامة

آخر تحديث: السبت 13 نوفمبر 2010 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة

 تسقط أقنعة الزيف فى مصر تلقائيا مهما حاول البعض إضفاء السرية والشرعية والتكتم عليها.. بينما ترتفع أعلام الحق والحقيقة سريعا على رءوس الأشهاد مهما حاول البعض إخفاءها والتهوين من شأنها

.
ففى يوم تكرم لجنة الحريات لنقابة الصحفيين أحد أعلام الأدب والفن الدكتور علاء الأسوانى لحصوله على جائزة الإنجاز من جامعة الينوى الأمريكية، ولموقفه النبيل الشجاع من رفض «التطبيع» ومعارضة ترجمة روايته «عمارة يعقوبيان» إلى العبرية بدون إذنه وموافقته.. وذلك فى إطار جهود إسرائيلية لم تتوقف لابتلاع الثقافة العربية وتشويهها وتذويبها فى المحيط الإسرائيلى الواسع، بدعوى حوار الثقافات أو الترويج لثقافة السلام.

وفى يوم سابق غير بعيد، يكشف الأديب والكاتب يوسف القعيد فى مجلة «المصور» عن تفاصيل لقاء سرى عقد بين أبومازن وعصبته الداعمة لصلح بغير ثمن مع إسرائيل، حضره أو دُعى إليه مجموعة من الأدباء والفنانين المصريين على عشاء فاخر على أنغام الموسيقى العربية.
دار النقاش فيه حول ترتيب زيارة لهذه المجموعة إلى الأراضى المحتلة، بعد حصول السلطة الفلسطينية لهم على تأشيرة دخول لإسرائيل.. وكانت هذه الزيارة فيما يبدو جزءا من عملية التطبيع التى التزمت السلطة الوطنية بدفعها إلى الأمام بكل قوة من خلال المحادثات التى توسطت فيها أمريكا مقابل أن يوقف نتنياهو بناء المستوطنات لمدة شهرين.

كان ذلك اللقاء السرى أثناء زيارته للقاهرة أوائل أكتوبر. ولم يتلق أبومازن إجابة مرضية من وفد المطبعين المصريين الذى ضم، لأسباب لا يعرفها أحد، فنانين من طراز فردوس عبدالحميد وزوجها وخالد النبوى وسهير المرشدى وآخرين. وحاول صائب عريقات أحد أكبر سماسرة السلام والتطبيع مع إسرائيل أن يخدع المثقفين المصريين بأنها مجرد زيارة للسجين أو الأسير الفلسطينى.

وربما كان هذا «الاستعباط» هو الذى كشف حقيقة الأهداف والنوايا التى أريد منها «تدبيس» المصريين فى التطبيع على غير إرادتهم. إذ ليس هناك علاقة بين التطبيع وتجميد الاستيطان. وقد انقضت المهلة التى أعطاها الفلسطينيون لأنفسهم ولأمريكا دون أن يتزحزح نتنياهو عن موقفه.

فالاستيطان عنده والاستيلاء على أراضى الفلسطينيين شىء، والتطبيع وإقامة علاقات سلام شىء آخر فى المنطق الإسرائيلى.
هناك بعض الفنانين والمثقفين فى الوطن العربى، وليس فى مصر وحدها، يستهينون ويتهاونون فى إقامة علاقات ثقافية وأدبية وفنية مع إسرائيل وكتابها، على أساس أن السياسة شىء يهم السياسيين وحدهم. أما الآداب والفنون فهى عمل إنسانى لا يفرق بين جنس ولون ودين، ولا ينبغى أن تدخل السياسة فيه.

وقد يكون هذا صحيحا بالمعنى النظرى المجرد للأدب والفن. ولكننا نعرف أن الأدب فى العصر الحديث لم يكن فى أى وقت مجردا من الغايات السياسية والاستعمارية. كما أن فنون السينما والمسرح أضحت متخمة بأشكال من العنصرية والعدوانية وتبرير الحروب والطغيان بعيدا عن القضايا الإنسانية.

ولابد من التفرقة هنا بين الاطلاع على الثقافات الأخرى والترجمة من لغاتها بما فى ذلك اللغة العبرية، شأنها شأن أى ثقافة أخرى، وبين إقامة علاقات ثقافية مع العدو فى صورة تبادل أو تعاون أو حوار فكرى. بل إن بعض الجامعات البريطانية رفضت التعاون مع الجامعات الإسرائيلية وقاطعتها بسبب الممارسات الوحشية للاحتلال الإسرائيلى ضد الطلبة الفلسطينيين.

والواقع أن عملية السطو التى تعرض لها الأسوانى بترجمة روايته دون إذنه وبانتهاك القوانين الدولية وحقوق النشر، إنما تدل على العقلية الصهيونية التى تبيح الخطف والاغتصاب والإرهاب المعنوى.
وليس أدل على مدى السعار الذى أصاب إسرائيل فى سعيها الدائب لإلحاق التراث الثقافى العربى بالحيازة الإسرائيلية، من القرارات التى أصدرتها أخيرا منظمة اليونسكو للحفاظ على الهوية والتراث الثقافى للقدس، ورفض تسجيل مسجدى بلال بن رباح والإبراهيمى فى لائحة التراث الثقافى اليهودى!

إن خطورة الغزو السياسى والعسكرى الذى يتعرض له العرب حاليا من جانب إسرائيل، أن يتحول إلى غزو ثقافى يخسر العالم العربى من خلاله معركته الأخيرة أمام الصهيونية العالمية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved