تقارير «دفن» الحقائق

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الأحد 13 نوفمبر 2011 - 8:50 ص بتوقيت القاهرة

ما قيمة أى لجنة تشكل لإعداد تقرير حول حادث ما، إذا كان ما ستفعله سيقبع فى درج مسئول أو ينتهى به الحال إلى تاريخ يستدعى كلما تفجرت ذات الأزمة من جديد؟

 

كم مرة سمعت عن لجان لتقصى الحقائق تشكل فى مصر فى أحداث مختلفة، سواء عن طريق البرلمان أو الحكومة أو المؤسسات شبه الرسمية، وكم مرة عرفت أن تقريرا صدر وتحول إلى فعل أو قرار أو حتى ساهم بشكل من الأشكال فى تقديم حلول ناجزة للأزمات التى تتصدى لها.

لن أذهب بك بعيدا جدا، لكن كانت هناك لجنة لتقصى الحقائق شكلها البرلمان فى اواخر السبعينيات لبحث الأحداث الطائفية، وانتهت بتقرير «العطيفى» الشهير، الذى أوصى ضمن ما أوصى بقانون واضح لدور العبادة.. يا الله، هل تعرف أن ذات الأحاديث عن قانون دور العبادة التى تتصدر الصحف هذه الأيام هى ذات الأحاديث التى كانت تلوكها الألسن منذ 40 عاما على الأقل، ولا أحد يفسر لك لماذا نقول ذات الكلام طوال هذه السنوات دون أن نضع حلا.

 

كذلك شكل البرلمان فى وقت قريب لجنة لتقصى الحقائق فى قضية العبـَّارة الغارقة السلام 98، وأعدت تقريرا انتهى أيضا إلى «درج كبير». وتضمن التقرير إجراءات سلامة لو تم تطبيقها والاعتداد بها ربما تجنبنا غرق العبـَّارة بيلا قبل أيام.

 

وعقب أحداث الأحد الدامى أمام ماسبيرو، ومع ما واجهه الإعلام الرسمى من انتقادات بسبب دوره فى الأحداث، شكل وزير الإعلام لجنة لتقييم أداء التليفزيون فى الأحداث، وانتهت اللجنة التى ضمت خبراء إعلاميين معتبرين إلى نتائج واضحة وتوصيات محددة، وتتلخص كما طالعتها بنفسى فى القطع بوجود أخطاء مهنية جسيمة تستوجب فتح تحقيق عاجل فيها، وأيضا الاعتذار للجمهور بسبب هذه التغطية السيئة، وإن كانت اللجنة استندت إلى منهج علمى فى تبرئة التليفزيون من التحريض بدعوى أنه فعل لم يمكن قياسه علميا، بمعنى أنه لم يعثر على شخص أقر بأنه اتخذ أفعالا عدائية بعد تأثره بمحتوى التليفزيون، إلا أن التقرير الذى شكل لجنته وزير الإعلام بنفسه، واختار أعضاء اللجنة بنفسه، وتسلم التقرير بنفسه، لم يتخذ حتى الآن قرارا لتنفيذ ما انتهت إليه اللجنة، فلم نسمع عن فتح تحقيق إدارى ومهنى فى هذا الأداء، ولم نر أيضا اعتذارا للجمهور، كما أوصت اللجنة.

 

كذلك انتهى تقرير أحداث ماسبيرو الذى أعدته لجنة من مجلس حقوق الإنسان ذات النهاية تقريبا، فرغم توصيته بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة فى الأحداث، لأن الجيش طرف رئيسى فيها، انتهى الأمر أن أحال وزير العدل التقرير برمته إلى القضاء العسكرى.

 

هى تقارير تتقصى الحقائق دائما، لكنها أيضا تحال عادة لمسئول يتولى دفنها، ربما لأن هناك من لا يزال يعرِّف الحقيقة بأنها ما تراه السلطة..!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved