كيف يستفيد إيلون ماسك من إدارة ترامب الجديدة؟
قضايا تكنولوجية
آخر تحديث:
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 6:25 م
بتوقيت القاهرة
يبدو أن إيلون ماسك هو النجم الجديد الذى سوف يولد فى إدارة دونالد ترامب، هكذا قال الرئيس الأمريكى الـ47 فى مؤتمر إعلان فوزه بالانتخابات الأمريكية 2024. ومن المحتمل أن يقوم ماسك بوظيفتين رئيسيتين فى إدارة ترامب، الأولى هى رئاسة لجنة معنية بتقليل الهدر فى الإنفاق الحكومى، حيث صرح ترامب فى إحدى مقابلاته بأن ماسك قد يكون وزير خفض التكاليف. ووفقا لتصريحات ترامب، فإن هذه اللجنة ستعمل على إجراء مراجعة شاملة للحسابات والأداء المالى للحكومة الفدرالية؛ بهدف القضاء على الاحتيال والمدفوعات غير السليمة خلال ستة أشهر من إنشائها.
أما الوظيفة الثانية فهى مساعدة أمريكا على الوصول إلى المريخ بحلول عام 2028، وهو النصر الذى يطمح ترامب فى تحقيقه حتى يهزم الصين حسبما يقول، يأتى هذا الطموح مدعوما بمشروع «أرتميس» الذى يهدف لإنزال بشرى جديد على القمر بحلول عام 2026، ويؤدى فيه إيلون ماسك دورا مهما من خلال شركته «سبيس إكس».
وإذا كان ترامب سيستفيد من إيلون ماسك فى خفض التكاليف، وفى إنجاز جديد لإدارته بالوصول إلى المريخ أو حتى إرسال إنسان آخر على القمر، فكيف سيستفيد إيلون ماسك من ترامب بعد أن دعم حملته الانتخابية بأكثر من 118 مليون دولار؟
• • •
يمتلك إيلون ماسك إمبراطورية صناعية ضخمة، سواء من خلال شركة «سبيس إكس» التى تسعى للوصول إلى المريخ، وأن تحتكر عملية النقل فى الفضاء الخارجى بصاروخها الجديد «سوبر هيفى» (Super Heavy)، وشركته «تسلا» الرائدة فى صناعة السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة والروبوتات المنزلية، وشركته (The Boring Company) التى تسعى لتغيير مفهوم التنقل على الأرض من خلال أنفاق ضخمة مفرغة الهواء تتحرك فيها قاطرات «الهايبرلوب» بمسارات تقترب من سرعة الصوت، وشركة نيورالينك (Neuralink) التى تهدف إلى تطوير تكنولوجيا زرع الرقائق فى الدماغ لربط العقل البشرى مباشرة بالحواسيب؛ مما يساعدها على تطوير تقنيات تساعد فى علاج بعض الحالات الطبية وتحسين القدرات البشرية. هذا بخلاف استحواذه على موقع تويتر، والذى أطلق عليه اسم إكس ويطمح من خلاله إلى بناء منصة متكاملة، وليس فقط موقعاً للتواصل الاجتماعى.
كما أن لـماسك اهتمامات أخرى مثل العملات المشفرة، وقد أدى دورا بارزا فى زيادة شهرتها وتأثيرها من خلال تصريحاته وتغريداته التى تسببت فى إرباك الأسواق وإجراء تغييرات حادة فى قيمة العملات المشفرة.
هذا بخلاف اهتمامه بالذكاء الاصطناعى، حيث كان إيلون ماسك أحد مؤسسى شركة «أوبن إيه آى» (OpenAI) فى عام 2015، التى طورت تطبيق (Chat GPT) الشهير، لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين ماسك وإدارة «أوبن إيه آى»؛ مما أدى إلى انسحابه من الشركة، حيث كانت رؤية الشركة فى البداية تهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعى بشكل آمن ومفتوح للجميع، لكن أدى قرار الشركة بتحويل جزء منها إلى نموذج ربحى محدود لجذب التمويل إلى انسحاب ماسك باعتبار ذلك خروجا عن المبادئ التى تأسست عليها. ورغم ابتعاده عن «أوبن إيه آي»، لم يتوقف اهتمام ماسك بتطوير الذكاء الاصطناعى.
فى الحقيقة، فإن خطط ماسك تتجاوز تطوير الذكاء الاصطناعى التوليدى؛ فهو يعمل على دمج قدرات الذكاء الاصطناعى فى منتجاته الحالية. فعلى سبيل المثال، تعتمد «تسلا» على تقنيات الذكاء الاصطناعى لتحسين أداء السيارات الذاتية القيادة، وقد يؤدى الذكاء الاصطناعى دورا مهما فى تطوير منصة «إكس» وإضافة خصائص جديدة تلائم احتياجات المستخدمين. ولتحقيق هذه الأهداف، استثمر ماسك فى البنية التحتية اللازمة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعى، بما فى ذلك شراء وحدات معالجة رسومية متقدمة وبناء حواسيب ضخمة يتم استخدامها فى عملية تدريب نظم الذكاء الاصطناعى.
• • •
هذه الإمبراطورية الضخمة التى أسسها إيلون ماسك وجعلت منه أغنى شخص على وجه الكوكب، ما زالت تواجه تحديات كبيرة، سواء أكانت تنظيمية وقانونية أم مالية ولوجستية، أم تحديات المنافسة والتوسع الخارجى، وتحتاج إلى دعم حكومى كبير حتى تتمكن من تحقيق أهدافها التى لم تتحقق بعد.
فالطريق ما زال طويلا أمام الوصول إلى المريخ، ويحتاج إلى دعم كبير من المؤسسات الحكومية الأمريكية، وإنشاء شبكة ضخمة من أنفاق «الهايبرلوب» يحتاج إلى تمويل حكومى ضخم وإجراءات تنظيمية وقانونية، والتشريعات الخاصة بتطوير الذكاء الاصطناعى وتنظيم عملية سير السيارات ذاتية القيادة فى الشوارع ما زالت فى مهدها، والقيود الصحية المفروضة على عمليات شركة «نيورالينك» معقدة للغاية. وهنا تتضح احتياجات إيلون ماسك من إدارة ترامب، والتى قد يحقق من خلالها عدة مكاسب، هى:
• تخفيف القيود التنظيمية والقانونية: تُعد اللوائح التنظيمية من أبرز التحديات التى تواجه شركات ماسك، خاصة فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعى والفضاء. فعلى سبيل المثال، تتطلب مشروعات مثل: «تسلا» و«ذا بورينج كومبانى» الحصول على تراخيص محلية وفدرالية لبناء البنية التحتية للسيارات الكهربائية والأنفاق؛ مما يعوق تقدم هذه المشروعات فى بعض الأحيان، وهنا يمكن لإدارة ترامب، المعروفة بدعمها لتخفيف القيود التنظيمية، أن تسهم فى تسهيل بعض المتطلبات القانونية والتراخيص اللازمة.
• تخفيف قوانين المناخ والبيئة: تواجه شركات ماسك أيضا ضغوطا بيئية، حيث إن «تسلا» و«سبيس إكس» معنيتان بتحقيق التوازن بين الابتكار وتقليل البصمة الكربونية، وقد كانت إدارة ترامب السابقة تميل إلى تقليل القوانين المتعلقة بالمناخ والبيئة، وقد تستمر فى هذا النهج؛ مما قد يتيح لماسك مزيدا من الحرية فى استخدام الطاقة وتحقيق التوسع، وقد تستفيد شركة «سبيس إكس» من هذا تحديدا، خاصة أنها تحتاج إلى وقود صاروخى بكميات كبيرة؛ وهو ما قد يكون صعبا فى ظل بعض اللوائح البيئية الصارمة.
• توفير التمويل والدعم المالى: تُعد مسألة التمويل من التحديات المستمرة، خصوصا فى مشروعات تتطلب استثمارات ضخمة مثل مشروع «ستارشيب» (Starship) لاستكشاف الفضاء الذى تديره «سبيس إكس»، وإذا دعمت إدارة ترامب مشروعات الفضاء، فقد تحصل «سبيس إكس» على عقود حكومية أو دعم مالى؛ مما سيسهم فى تخفيف العبء المالى وتحقيق أهدافها الطموحة. كذلك، قد تساعد سياسات ترامب فى تخفيف الضرائب على الشركات؛ مما يزيد من الأرباح ويساعد ماسك على تمويل مشروعاته المستقبلية.
• الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة: تواجه شركات ماسك أيضا منافسة كبيرة فى مجالات الذكاء الاصطناعى والسيارات الكهربائية والفضاء، حيث تسعى العديد من الشركات الكبرى إلى تطوير تقنيات مماثلة، وقد يستطيع أن يحصل على دعم من إدارة ترامب للوصول إلى بعض التقنيات غير المتاحة للشركات الأخرى، خاصة تلك التى تطورها وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أو يتم تطويرها فى مختبرات الجيش الأمريكى.
• التوسع الدولى والسياسات التجارية: تواجه شركات ماسك تحديات كبيرة فى الأسواق الدولية، خاصة فى ظل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وبعض الدول مثل الصين. فسياسات ترامب التجارية قد تكون سيفا ذا حدين؛ فبينما قد تسهم فى حماية السوق الأمريكية، إلا أنها قد تفرض قيوداً على «تسلا» و«سبيس إكس» فى الوصول إلى الأسواق العالمية؛ لذا قد يسعى ماسك للحصول على دعم من ترامب لضمان استمرار التعاون التجارى مع دول أخرى أو الحصول على استثناءات من بعض القيود.
فى المجمل، يمكن لماسك أن يستفيد من إدارة ترامب الجديدة بصورة كبيرة، خاصة أن هناك مجموعة من السمات المشتركة بين ترامب وماسك تجعل فرص تحقيق هذا التعاون ممكنة، فكلاهما رجل أعمال معنى بالربح والصفقات، وكلاهما شخصية معروف عنها التقلب فى المزاج وعدم الاستقرار، كما أن كلا منهما يحب الظهور الإعلامى والحديث لوسائل الإعلام، هذه الصفات المشتركة قد تجعل الخلافات بينهما محدودة والتفاهمات على تحقيق الأهداف أكبر، ومع حصول ترامب على دعم الجمهوريين سواء فى مجلس النواب أم مجلس الشيوخ أم المحكمة العليا؛ فإن ماسك يملك فرصا أكبر لتحقيق أهدافه من إدارة ترامب.
إيهاب خليفة
مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة