العقد الماضى لم يكن كله سيئًا
جيمس ليدبتر
آخر تحديث:
الخميس 14 يناير 2010 - 10:03 ص
بتوقيت القاهرة
وصف كثير من مقالات نهاية العام العقد الأول من القرن بأنه كان أسوأ العقود على الإطلاق. ويبدو أن الحال كذلك بالنسبة للأسهم. لكن كثيرين، ومن بينهم زميلى السابق اندى سروير، مدير تحرير مجلة فورتشن حاليا، يطلقون هذا الوصف على العقد كله. وليس من الصعب التدليل على ذلك، فهناك الحادى عشر من سبتمبر، والعراق، وفضيحة إنرون المالية، وإعصار كاترينا، وانخفاض الأجور، والأعداد الهائلة من العاطلين.. لقد كان عقدا بالغ السوء بحق.
لكن ماذا عن الأسوأ؟ إن التنافس المتزايد بين العقود السيئة أشد مما يدركه المعلقون؛ فثلاثينيات القرن الماضى كانت سيئة بحق سيئة جدا من مبتداها لمنتهاها وسبعينيات القرن التاسع عشر لم تكن نزهة. أضف إلى ذلك أن العقد مسافة زمنية كبيرة، والعالم متسع من شبه المستحيل أن يكون الحال سيئا فى كل الأوقات وكل المجالات على مدى عشر سنوات. وحتى برغم التركيز الكبير من جانب الولايات المتحدة، هناك عدة أشياء إيجابية يمكن تذكرها عن هذا العقد ونحن على أعتاب عقد جديد.
ولنبدأ بما هو واضح: فى العقد الماضى، اختارت الولايات المتحدة رئيسا غير أبيض للمرة الأولى. وسواء كنت تحب أوباما أو تكرهه، فقد ضمن مكانه فى التاريخ، وكان كثيرون جدا فى الولايات المتحدة وحول العالم يرون أن ذلك لن يحدث، أو يرون على الأقل أن الولايات المتحدة لم تكن «جاهزة» لحدوثه. وبالطبع، لا يمكن لهذا الحدث بمفرده أن يحل الانقسامات العرقية فى البلاد، لكنه يعد خطوة جبارة باتجاه تمثيل حقيقى، ومشاركة ديمقراطية حقيقية، وهو أمر لم يكن من الممكن أن يتحقق فى عقد آخر.
وبعد عقود من الحشد المستمر، يتبين لنا الآن أن انبعاثات الكربون يمكن تقليلها، وربما بشكل كبير، حتى مع استمرار النمو الاقتصادى. وحتى الآن، فإن هذا لا ينطبق إلا على الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما لا يكفى لتعويض تزايد الانبعاثات فى بلاد كالصين والهند، ولا يعد بالتالى انتصارا كبيرا. لكن إذا كان هناك مخرج من جحيم التغير المناخى فسيكون من خلال سياسة منسقة وجهود السوق، وهو ما برهنت عليه السنوات الماضية.
وبالمثل، فقد انخفضت معدلات السرطان وأعداد الأشخاص الذين يموتون بسبب الإصابة به خلال العقد الماضى. والسرطان هو ثانى أكبر سبب للوفاة فى العالم، لكن جهود الفحص والوقاية حققت شيئا فى النهاية، بعد عقود من العمل ومليارات الدولارات. وكما تشير الجمعية الأمريكية للسرطان، فإن الانخفاض فى السنوات الأخيرة يعنى أن يحتفل مائة ألف شخص سنويا بعيد ميلاد آخر كان يمكن أن يفوتهم.
وعلى جبهة التكنولوجيا، أفرخ العقد الماضى عالم التدوين، وبرغم أن تداعيات التدوين لم تتضح تماما بعد، إلا أنه يوفر كما مهولا من المعلومات لملايين الباحثين عنها. وبرغم ارتفاع التكلفة بالنسبة لغالبية الناس، أمكن التوصل أيضا إلى تحديد الشفرة الوراثية الشخصية، والذى سيترتب عليه ثورة فى الدواء والرعاية الصحية فى وقت لاحق من هذا القرن. وبالنسبة للمهتمين بالعلوم الكونية، شهد العقد الأخير اكتشاف الماء على المريخ، وبفضل التقدم فى مجال تكنولوجيا الميكروويف، يمكن لاستكشاف الفضاء الآن أن يتيح لنا نظرة غير مسبوقة فى وضوحها (وأكثر غرابة) لمكونات الكون.
وما يزعج فى مقولة «العقد الأسوأ» هو حالة النوستالجيا الزائفة الكامنة فى تلك الفرضية والتى ترى أن العقود السابقة كانت جيدة تماما. ومن السهل أن ننسى أن العقد الأول من القرن هو أول عقد كامل لا تلوثه الحرب الباردة فى أكثر من نصف قرن. هل تتذكرون التهديد بالتدمير النووى الوشيك؟ فى عقد الخمسينيات الذهبى، تعلم أبواى كيف ينحنيان تحت المناضد فى حال حدوث هجوم نووى. وبعد ذلك بجيل، أصدر جوناثان شل، أحد كتاب نيويوركر، كتابا حقق رواجا واسعا هو «مصير الأرض»، الذى أقنعنى مع أعداد غفيرة من الناس بأن قيام حرب نووية تدمر الأرض ليس مجرد احتمال، وإنما هى حتمية. صحيح أننا نعيش اليوم تحت تهديد الإرهاب، ونخشى من أن تحوز الدول المارقة أسلحة الدمار المروعة، لكن حتى هذا القلق يبدو مطلوبا بشدة للعيش فى مجتمعات تشكلت حول إنتاج ترسانات نووية رهيبة مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى فى ماض غير بعيد.
ودعونا أيضا لا ننسى معدلات البطالة. فالبعض يقول إن تقديرات البطالة الرسمية لم تتجاوز، فى التسعينيات، قط نسبة الـ 10%. لكن هل تتذكرون أزمة البيزو المكسيكى فى 1994 ــ 1995؟ أو الانهيار الذى شهدته منطقة شرق آسيا فى 1997؟ ولابد أننى وأنتم تأثرنا أكثر بالأزمة المصرفية فى 2008، لكن هذا لا يعنى عدم وجود أزمات عامة فى عقود أخرى، كانت أبعد أثرا فى بعض الحالات. ويرصد إحصاء جديد لصندوق النقد الدولى عدد 124 أزمة مصرفية عامة فى الفترة من 1970 ــ 2007. ولنتذكر هذا عند كتابة قصائد الحب للثمانينيات (حيث بلغت البطالة معدلات تفوق معدلها الحالى).
وبالطبع لن يكون ما سبق مريحا للغاية إذا كنت بلا عمل ومع ذلك، فأنت بكل تأكيد أفضل حالا من العاطلين فى ثلاثينيات القرن الماضى.
New york Times Syndication