الإنسان والخنزير.. علاقة جديدة!
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 14 يناير 2022 - 9:50 م
بتوقيت القاهرة
يوم بلا شك مجيد فى تاريخ العالم ذلك اليوم الذى عاصرناه هذا الأسبوع والذى أعلن فيه عن حدث غير مسبوق: للمرة الأولى فى العالم يتم بنجاح نقل قلب حيوان إلى إنسان ليبدأ فى النبض بصورة طبيعية تدفع الدم بكفاءة فى شريان الجسم الرئيسى «الأورطى» إلى أطراف الجسم ليعود الدم عبر الشرايين الرئوية إلى القلب مرة أخرى بعد أن تتم أهم عملية حيوية فى الرئات. دورة دموية كاملة سليمة يحل فيها قلب خنزير محل القلب الآدمى الذى خذل صاحبه وألم العطب به حتى أوشك على النهاية الطبيعية لهبوط عضلة القلب التى استنفذت كل قواها، فتعثرت فى أداء كل وظائفها.
مائة ألف من مرضى فشل عضلة القلب على قائمة انتظار فى الولايات المتحدة الأمريكية ،عملية من أكثر عمليات جراحة القلب تعقيدا ،زراعة قلب من متبرع وربما احتاج الأمر زراعة رئات مصاحبة للقلب، فى صباح كل يوم يعلن عن وفاة سبعة عشر مريضا منهم على الأقل فلا أمل يرجى ولا ضوء يلوح فى نهاية النفق.
اليوم يمكن للعالم أن يترقب تحقق أمل غالٍ بعد أن أضاف العلم تعبيرا علميا جديدا،إلى قاموس المعرفة Nemo tramplan tation: هو التعبير العلمى الجديد الذى يصف الثورة القادمة فى وقائع زراعة الأعضاء وبها يشير العلم إلى زراعة أعضاء من أصل حيوانى فى جسد الإنسان عند الحاجة إليها.
نجح الفريق الطبى بجامعة ميرلاند الأمريكية: university Of Maryland Medical center، فى إجراء عملية جراحية غير مسبوقة فى تاريخ جراحات القلب بنقل قلب خنزير إلى مريض أمريكى قضى أسبوعين قبل العملية على ماكينة قلب صناعى نظرا لتدهور وظائف عضلة قلبه إلى الحد الذى معه شارف النهاية.
العملية الجراحية بالغة التعقيد لم تكن فى الواقع المعجزة الحقيقية فى ذلك اليوم لكنه ذلك القلب الذى تسلل إليه العالم لينزع بعضا من جيناته التى قد تحرض جسم المريض على محاولة طرده لجسم غريب ويضيف جينات أخرى تمنع هذا القلب من أن يتضخم فيفسد على العالم خطته.
ولكن لماذا الخنزير؟
أراد الله سبحانه أن يأتى قلب الخنزير الأقرب تشريحيا لقلب الإنسان هى ذات الحجرات عدا أن الأذين الأيسر يستقبل وريدين رئويين فقط وليس أربعة كتلك التى فى الإنسان كما أن البطين الأيسر فى الخنزير كثيف الأنسجة المتشابكة بداخله وليس كما نرى فى الإنسان أملس. أما عدا ذلك فقد تجلت حكمة الخالق العظيم فى أن احتمال قلب الخنزير يضاهى احتمال قلب الإنسان ينقبض وينبسط طائعا لتلك القوانين التى ينصاع لها وبها قلب الإنسان!.
صاحب تلك المعجزة الخلاقة فى الهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية هو العالم الباكستانى الأصل أمريكى الجنسية محمد محيى الدين الذى تصدرت صوره إلى جانب الجراح الأمريكى الأشهر برتلى جرفيث ذلك الانتصار العلمى الباهر توج جهدا جبارا استمر لعشرة أعوام متصلة فى ذلك المركز الذى يضم كفاءات نادرة لمجموعات من الأطباء والباحثين العلمية والفنيين وخبراء وظائف الأعضاء وعلوم الأمراض لدمى الإنسان والحيوان.
إلى أين يأخذنا العلم؟
من سينتبه الآن لتقاليد آداب وأخلاقيات آداب المهنة والتى يجب أن تبدو ملزمة الآن لتحديد معالم دستور أخلاقى يضمن الحدود بين مخلوقات الله على الأرض؟
كان السؤال الذى فرض نفسه على فكرى بعد أن هدأ ضجيج الدهشة وخفت صوت الزهو العلمى الذى انتابنى فبدد أى رغبة فى الالتفاف إلى أن فيروس أومكيرون يهدد نصف مواطنى أوروبا بالإصابة خلال شهرين وأن الجانب الأخلاقى فى تلك الجائحة ما زال سجين الجزء القاتم من ضمير العالم ينتظر القاضى العادل ليصدر حكما يعيد الأمور إلى نصابها ويلزم كل فاعل بحق المفعول به.