ثمن التصدّع
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الإثنين 14 مارس 2016 - 9:15 ص
بتوقيت القاهرة
أجرى معهد «بيو» الأمريكى للبحوث، خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2014 حتى مايو 2015، استطلاعا معمقا شمل خمسة آلاف مواطن إسرائيلى من جمع القطاعات، بينهم المستوطنون فى الضفة والفلسطينيون فى القدس الشرقية. وتعتبر النتائج التى نشرت هذا الأسبوع مثيرة للقلق، لكن خطورتها تزداد أيضا، لأنه خلال الفترة التى فصلت بين إجراء الاستطلاع ونشره ازدادت حدة التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلى أكثر فأكثر.
ضمن الانقسام الداخلى بين اليهود فى إسرائيل، نصف الذين شملهم الاستطلاع، عرفوا أنفسهم بصفتهم علمانيين، وثلاثة أشخاص من مجموع عشرة تقليديين، و13 فى المائة متدينين وتسعة فى المائة حريديم. وكلما هبطنا فى هذا السلم، يرتفع تفضيل اليهودية على الديموقراطية، والتوجه نحو دولة الهالاخاة «الشريعة اليهودية»، مما يهدد الرهان على وجود دولة يهودية وديموقراطية فى آن معا، بالتصدع.
بيد أن التصدعات فى الوسط اليهودى تتقزم مقارنة بالفجوة التى تفصل بين اليهود والعرب. أربعة من كل خمسة يهود يقفون إلى جانب التمييز لصالح اليهود، و48 فى المائة يوافقون على القول بأنه «يجب طرد العرب أو نقلهم من إسرائيل». الأصوليون، المتدينون والتقليديون يؤيدون ذلك بأغلبية كبيرة. العلمانيون وحدهم يحدثون توازنا ما فى المشهد ــ لكن حتى فى أوساطهم، فإن الثلث مع صيغة الترحيل.
وفى مثل هذه الظروف، ليس مستغربا أن تكون الشكوك بين الشعبين عميقة. والاتفاق الوحيد بينهما هو اعتقاد 40 فى المائة من الطرفين بأن الزعماء ليسوا جديرين بالثقة. إن الخوف والنفور المتبادلين يعكران صفو البلاد ويخرجان من تحت الأرض أبخرة الشر والعنصرية ــ هى أرض خصبة بالعنف والتنكر لأحلام التعايش والمصالحة والسلام.
إن التوجهات الديموغرافية والسياسية لا تبعث على الأمل بتغير النتائج، فالتعصب الدينى لدى الطرفين يبعد العلمانيين عن مواقع السلطة. ويعتمد بنيامين نتنياهو على أصوات المتدينين، الأصوليين واليمين القومى المتطرف. وبحسه الحاد عرف كيف يعزف على أوتار القلق والعنصرية، حين فاز فى الانتخابات من خلال عبارات تحريضية من نوع «العرب يتدفقون على صناديق الاقتراع»، كما تتحمل المسئولية العناصر التى تكونت منها القائمة المشتركة التى تنكرت حتى لحزب ميرتس، وهذا الأسبوع كانت بين المؤيدين لحزب الله.
إذا لم يجر رأب الصدع، فإن نسيج الحياة المشتركة فى إسرائيل يمكن أن يتضرر بشكل لا رجعة عنه. ومن أجل منع ذلك يتعين على الحكومة وخصوصا رئيسها، التوقف عن إثارة النزاعات بين أطراف الجمهور، من أجل مكاسب سياسية. ويتعين على الحكومة أن تبذل كل ما فى وسعها من أجل التوصل إلى قاسم مشترك أوسع.
افتتاحية هآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية