النموذج المصرى.. المحاسبة العلنية وبالقانون
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الخميس 14 أبريل 2011 - 9:48 ص
بتوقيت القاهرة
أثلج صدرى أن تبدأ إجراءات المساءلة والمحاسبة القانونية للرئيس السابق ونجليه بتهمة قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير العظيمة، وليس بتحقيقات تتعلق بالفساد المالى والكسب غير المشروع. فإن كان الرئيس السابق قد أمر أثناء الثورة بقتل المواطنين المتظاهرين وإن كان علاء وجمال مبارك، وهما لم يكونا فى مواقع مسئولية تنفيذية تسمح لهما بالأمر المباشر بقتل المتظاهرين، قد حرضا على القتل والاعتداء على المتظاهرين فإن محاسبتهم قانونا على هذه الاتهامات لا تقل فى أهميتها للمجتمع وللمواطنين فى مصر عن المساءلة والمحاسبة على خلفية الفساد المالى.
أسعدنى أيضا أن النيابة العامة، السلطة القضائية المختصة التى تدير التحقيقات مع مبارك ونجليه، أهابت بوسائل الإعلام توخى الدقة فيما ينشر ويذاع بصدد التحقيقات لضمان سيرها على نحو اعتيادى يكفل عدالتها ونزاهتها. أن تهيب النيابة العامة بالإعلام توخى الدقة يعنى أولا أنها ليست فى وارد الأمر بمنع النشر فيما خص التحقيقات مع آل مبارك، وهى بذلك تنتصر لقيم حرية الإعلام وحرية تداول المعلومات شديدة المركزية فى بناء وممارسة الديمقراطية. وقد اعترضت أكثر من مرة فى حوارات علنية على مطالبة البعض بمنع النشر حول التحقيقات لجوهرها غير الديمقراطى ولحاجة المواطنين والرأى العام الماسة لمعرفة ما يدور ومن المصدر المباشر دون تعويل على الشائعات والأقاويل غير الدقيقة.
إهابة النيابة العامة بالإعلام توخى الدقة تعنى ثانيا أنها تخاطب الضمير المهنى والمسئولية المهنية لوسائل الإعلام بألا تلجأ إلى تداول المعلومات غير المؤكدة أو الإثارة أو تسييس التحقيقات أو إرباكها. ففى مثل هذه النواقص، إن وقعت، خطر عظيم يهدد سير التحقيقات بعدالة ونزاهة نريدها جميعا كى نتطهر دولة ومجتمعا وبالقانون من بعض إرث استبداد وفساد النظام السابق.
مصر اليوم محط أنظار العالم من حولنا، وبالأخص المواطنين العرب التواقين للديمقراطية وحكم القانون فى دولهم التى مازالت تعانى من الاستبداد والسلطوية. نريد أن نقدم نموذجا ملهما لأشقائنا العرب وللعالم فى كيف يحاسب مجتمع يطمح لبناء الديمقراطية بالقانون مسئولين سابقين وأعوانهم، وكيف ينتصر بحرية وشفافية للحق العام فى معرفة سير إجراءات المحاسبة (التحقيقات ثم المحاكمة) ويضمن بعدالة وعقلانية جميع الحقوق القانونية الخاصة بمن هم فى موقع الاتهام إلى أن تنتهى المحاسبة.
نحن، مواطنات ومواطنى مصر جميعا وعلى تنوع مواقفنا، نصنع حاضرا جديدا لبلدنا العظيم نريده ناصعا فى انتصاره للديمقراطية ونؤسس لنموذج ملهم لأشقائنا العرب نحسبه صالحا للاحتذاء به. دعونا لا نضيع هذه الفرصة التاريخية، ونحافظ عليها بكل ما أوتينا من عزم ورشادة ورقى.