الإخوان والثورة
أحمد الصاوى
آخر تحديث:
الأحد 15 أبريل 2012 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
هل يكفى أن يخرج الإخوان فى مليونية، ويهتفون بسقوط حكم العسكر، لنقول إنهم عادوا للثورة والثوار؟ قطعا إنك تعرف أن جزءا من حل الأزمة دائما يتمثل فى العودة إلى حالة ميدان التحرير، وقت أن كان كل مرابط فى الميدان لا يسأل شريكه عن انتمائه السياسى أو عقيدته الدينية، وكان هناك هدف واحد ومشترك يتمثل فى إسقاط النظام، وحلم واحد ومشترك أيضا يتمثل فى بناء نظام مدنى جديد يرتكز على العدل والمساواة والحرية.
لكن ماذا جرى فى النهر طوال الأشهر الماضية؟ لا تحدثنى عن «طرف ثالث» يعمل أو حتى سلطة تريد أن تركز هيمنتها، لأن أى نظام قديم من المنطقى أن يقاوم الموت وأن يبذل ما يستطيع من شر للبقاء على قيد الحياة، لكن القوى الثورية وفى القلب منها الإخوان انقسمت بعد أيام قليلة من التنحى، وتكرس انقسامها عقب استفتاء مارس، ليس لأنها اختلفت فى وجهات النظر، ولكن لأن أحد أعمدتها الرئيسية بدل الهدف والحلم، وحاول أن يعزف منفردا فى اتجاه هدفه هو وحلمه هو، وهى مسألة شخصية بحتة حتى لو ادعى البعض بتماهى مصالحه كتنظيم مع مصالح الوطن.
غادر الإخوان قطار الثورة، الوقائع على ذلك كثيرة، وبدت سياساتهم متقاربة ومتطابقة مع سياسات المجلس العسكرى، لك أن تعرف أن ذلك هو زمن اليوتيوب والإنترنت، ولكل سياسى «رقيب وعتيد» إلكترونيان يسجلان ما يقول، فيظهر التضارب والتناقض وتبدل المواقف جليا، حتى وصل الأمر فى بعض المراحل إلى تطابق نظرة الإخوان للثوار والميدان مع نظرة المجلس العسكرى وتطابقا فى اتهامات الفوضى وإسقاط الدولة والعمالة والتخوين، وفى تظاهرات كتلك التى تمت فى ذكرى عام من الثورة كان الإخوان أقرب إلى ميدان العباسية عنه إلى ميدان التحرير، بمعنى أنهم أقرب إلى أنصار المجلس العسكرى وبقايا نظام مبارك.
ما الذى تبدل إذن؟.. الشجعان داخل التيار الأصولى يقولون بوضوح: أخطأنا، منذ التصويت على التعديلات الدستورية بنعم، وحتى الخروج من صف الثورة والهجوم على الثوار وترديد شعارات النظام السابق وبقاياه عن الثوار، لكن مازال البعض يكابر فى الاعتراف بالخطأ، ومازال البعض يتشكك فى انقلاب الإخوان على العسكر بعد شهر عسل، هل نزل الإخوان لحماية الثورة التى يتحملون وبكل وضوح المسئولية الأكبر فى إجهاضها، أم نزلوا لحماية أنفسهم ومشروعهم، هل كانت مليونية الجمعة مليونية «حماية الثورة» أم مليونية «ماشافهومش وهما بيسرقوا شافوهم وهما بيتحاسبوا»، ما الذى يضمن ألا يكون تحرك الجماعة هذه المرة «تكتيكيا» فى إطار المصلحة، وسرعان ما يتغير فور التفاهم مع المجلس العسكرى من جديد، والحجة دائما لديهم جاهزة «المعطيات تغيرت».
تتغير المعطيات كثيرا عند الجماعة، لكن الأيام تثبت دائما أن من لم تتغير معطياتهم واستمروا على مبادئهم هم الذين يربحون كل يوم على الأقل أخلاقيا، فيما يواصل الذين ألقوا بالمعايير الأخلاقية عرض الحائط حصد المكاسب السياسية.
لكن رغم كل ذلك فمطلوب منا أن نتكتل ضد عودة النظام القديم بأى شكل، وأن نترك الباب مفتوحا للجماعة، لكن هل تدخل قبل أن تقدم نقدا ذاتيا لتجربتها، وتعترف بأخطائها وانتهازيتها ونفعيتها وإجهاضها للحراك الثورى، إذا أرادت الجماعة العودة للثورة فلترفع لعودتها راية معلنة وواضحة: «من أفسد شيئا عليه إصلاحه.. ونحن نحاول إصلاح ما أفسدنا».