الرئيس الدكر القادر مرة أخرى
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأحد 15 أبريل 2012 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
كثيرون تعاملوا مع ذلك الرجل الذى طرح نفسه مرشحا لرئاسة مصر ولخص مشاكلها فى أنها تفتقد «الرئيس الدكر القادر الفاجر» باعتباره نكتة ومرت، غير أن هناك من بين مرشحى الرئاسة من بقايا نظام مبارك من تعاملوا مع كلمات ذلك الذى ظهر على قناة دريم على أنها تصلح لدعايتهم الانتخابية واستلهموها وأعادوا إنتاجها فى صياغات أخرى.
إن الإلحاح على أن مصر جائعة للقبضة الأمنية أكثر من جوعها للديمقراطية والحرية، والتركيز على الاستثمار فى الخوف والفزع، يشير بوضوح إلى أن ظهور واختفاء عينات من المرشحين يرددون كلاما يبدو عفويا عن أن البلد تحتاج إلى رئيس قوى الشكيمة عريض المنكبين والتجربة الأمنية، لم يكن عشوائيا، وإنما كان فى إطار تمرين الأذن والذهنية المصرية على مفردات وأفكار من هذا النوع.
ومع ارتفاع منسوب الفوضى الأمنية والأزمة الاقتصادية، عمدا وبفعل فاعل، وبالتزامن مع وصول مؤشر التحذير من الرعب من الدولة الدينية إلى اللون الأحمر الفاقع، كان المسرح قد تمت تهيئته للزج بالبطل الجديد، القوى القادر، المتوعد للجميع بالملفات السرية، والعارف بشئون الحالة الأمنية فى الداخل والخارج.
ولاحظ مهارة مخرج العرض فى استخدام عناصر الإثارة والإبهار والتشويق، بدءا من لوحات الرئيس الأزرق الغامض التى تملأ كل طرق مصر، مرورا بتسخين الحدود، ليصبح المصريون أسرى فوضى الداخل وخطر الخارج، ومن ثم يتطلعون إلى «الذكر القادر» لينقذهم من الجوع والخوف، فى آخر مشاهد الرواية.
وأزعم أنه فى مثل هذه الملمات يصبح الميدان سلاحا وحيدا وناجعا لإنقاذ الثورة والاحتفاظ بحلم الحرية والكرامة والعدل والتنمية، وعليه كان جميلا أن يعود إليه مرة أخرى أولئك الذين طعنوه ورموه بالكفر عندما كان ينادى «الدستور أولا» وجميل أيضا ألا تنزل فى جمعة الأمس القوى الثورية التى ظلت متمسكة بمبادئها ولم تقايض أو تساوم عليها، مفضلة أن تؤجل نزولها حتى الجمعة المقبلة.
ولو أن قوى الإسلام السياسى تريد حقا المصالحة مع القوى الوطنية والثورية التى أصابها رذاذ العلاقة الحميمة بين «العسكرى» و«الدينى» قبل أن ينقلبا على بعضهما البعض، فلتعاود النزول إلى الميادين مرة أخرى جمعة العشرين من أبريل الجارى، تحت شعارات الثورة وليس بشعارات الجماعة أو التيار، ولتعتذر للميدان وأهله عما فعلته بالثورة وبنفسها.
إن الموقف بلغ من الخطورة حدا يتطلب التوحد والاصطفاف مرة أخرى، وبما أن عفريت الرئيس الدكر القادر حضر قرينا للغباء وضيق الأفق السياسى لتيار أصاب الجميع بالفزع عندما كشر عن أنياب الاحتكار والاستحواذ والانفراد، يصبح فرضا على من حضره أن يفعل المطلوب منه لصرفه، من خلال الاعتراف بالخطأ أولا، والاعتذار عنه ثانيا، وأخيرا امتلاك الشجاعة على الإقرار بأنهم بأيديهم وضعوا السكين فى يد «العسكرى» ويصرخون الآن من احتمالات ذبحهم به.
لقد ناصبوا الذين طالبوا بدستور محترم قبل أى خطوة العداء، ولعبوا لصالح العسكرى فى مباراة الاستفتاء فمنحوه إعلانا دستوريا، يهددهم بالذبح به الآن.