الهند.. انخفاض مؤشر السعادة
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأحد 14 أبريل 2019 - 10:15 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب «ذكر الرحمن» تناول فيه انخفاض مؤشر السعادة فى الهند والأسباب وراء ذلك الانخفاض.
أشار تقرير السعادة العالمية الذى نُشر بالتزامن مع يوم الأمم المتحدة للسعادة إلى أن الهند أصبحت أقل سعادة على مدار عام مضى، فقد انخفضت مكانة الهند فى السعادة سبع مراتب لعام 2019 مقارنة بمكانتها فى عام 2018. ويشير التقرير إلى أنه رغم تضاعف الإنتاج المحلى الإجمالى للهند فى العقد الماضى، انخفض متوسط السعادة نحو 1.2 نقطة. ومؤشر السعادة يشير إلى أن مرتبة الهند انخفضت من 133 عام 2018 إلى 140 فى عام 2019 رغم أنه لم يقع حدث كبير يحتمل أن يكون له تأثير على نصيب الناس من السعادة.
حتى باكستان المجاورة التى تمسك بتلابيبها سلسلة من المشكلات من بينها أزمة اقتصادية حققت مكانة أفضل بكثير من الهند فى مضمار السعادة.
فقد حلت باكستان فى المرتبة 67، مما يشير إلى أن الناس فى باكستان أكثر سعادة بلا شك عما هم عليه فى الهند.
والنمو الاقتصادى فى الهند وفر رخاء أكبر وأخرج عددا أكبر من الناس من وهدة الفقر. لكن هذا لم يترجم الثروة إلى سعادة. وهذا يعنى بوضوح أن السعادة لا تعتمد مباشرةً على الثروة. وأحد الأسباب لتقلص السعادة فى الهند، قد يكون أن التباين بين الأغنياء والفقراء لم يتزايد إلا وضوحا بسبب قوة النمو الاقتصادى.
ورغم المحاولات الجادة لإخراج الناس من الفقر، مازال هناك ملايين الناس يعيشون فى فقر أو تحت خط الفقر. فهم ينظرون إلى تقدم قطاعات من الهند فى الوقت الذى يشهدون فيه تخلفهم والتخلى عنهم.
وهؤلاء الذين مازالوا يعانون الفقر، تتصاعد طموحاتهم، رغم ذلك، مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعى والهواتف المحمولة والإنترنت، ما يعزز أكثر رغبتهم فى مجموعة من الماديات. صحيح أن اقتصاد البلاد حقق نموا لكن لم يستفد من هذا النمو كل قطاعات المجتمع وتسرب الثروة والتقدم إلى الطبقات الأدنى مازال عملية بطيئة للغاية.
ومازالت هناك مشكلة زيادة أعداد العاطلين. فنمو الاقتصاد، لم يخلق الوظائف المطلوبة.
وهناك نحو 11 مليون هندى فقدوا وظائفهم عام 2018 وفقا لتقرير صادر عن «مركز مراقبة الاقتصاد الهندي». وأظهر تقرير تحليلى أن الأفراد الذين ينتمون إلى الجماعات الهشة هم الأكثر تضررا من فقدان الوظائف عام 2018. وتظهر البيانات بوضوح أن البطالة تزايدت باستمرار فى الهند.
وهناك نحو 397 مليونا كانوا يشغلون وظائف فى ديسمبر عام 2018 وهو رقم أقل بمقدار 10.9 مليون شخص من العدد البالغ 407.9 مليون من الذين كانوا يشغلون وظائف قبل ذلك بعام أى فى نهاية ديسمبر عام 2017.
وكشف مسح أجراه «مركز بيو البحثى الأمريكي» مسحا فى الآونة الأخيرة بين شهرى مايو ويوليو عام 2018 أن 76% من الهنود لا يشعرون بالسعادة نتيجة الافتقار إلى فرص العمل و73% غير سعداء بسبب ارتفاع الأسعار. وما يجعل وضع العمل أسوأ هو إحلال الذكاء الاصطناعى والآلات محل العمال للقيام بالأعمال التى كان يقوم بها البشر وخاصة من قوة العمال غير المهرة.
والهند التى يعمل 60% من قوتها العاملة فى الزراعة والخدمات المرتبطة بها، يؤثر فيها ضعف المحصول على العمالة يؤدى إلى تقليص إنفاق المستهلك الريفى.
وقطاع الزراعة فى الهند عانى لسنوات من عدة مشكلات امتدت من الاعتماد على الأمطار إلى سوء منشآت الرى فى غمرة جهود لزيادة عائدات المحاصيل.
وضعف المحصول أو انخفاض أسعاره يورط المزارعين المثقلين بالديون أصلا فى أزمة مالية.
وتحدثت تقارير عن انتحار مزارعين فى أنحاء مختلفة من البلاد حيث ينتحر أكثر من 12 ألف مزارع فى العام، وفقا للتقديرات الحكومية.
ودخول المزارعين تزايدت ببطء شديد بنسبة هزيلة بلغت 0.44% على مدار السنوات الخمس الماضية.
وكل هذه عوامل رئيسية يمكن أن تساهم فى تقليص شعور الناس بالسعادة فى بلد يقطنه 1.25 مليار نسمة.
والعوامل الأخرى تتضمن الافتقار إلى إسكان ملائم مما يجعل ليس فقط الفقراء بل أيضا الطبقات الوسطى أقل سعادة. وهذا التقرير جاء فى وقت تقدم فيه الهند على انتخابات عامة تتم على مراحل وعلى مدار شهرين. ويسعى رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى إلى فترة ولاية أخرى. صحيح أن «مودي» مازال زعيما يتمتع بشعبية لكنه يواجه تحديات من حزب «المؤتمر الوطني» وطائفة من الأحزاب الإقليمية التى تسعى إلى العودة إلى السلطة.
فقد وعد حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم فى حملته عام 2014 بحلول «أيام طيبة». ورئيس الوزراء نفسه وعد بتوفير ملايين الوظائف للشباب لكن هذا الوعد لم يتجسد قط.
ومن الواضح أن «الأيام الطيبة» لم تحل بملايين الهنود ولذا فهذا الوعد والشعار لم يتكرر فى انتخابات عام 2019.
وسيكون من الشيق أن نرى مدى تأثير تقلص السعادة على طريقة تصويت الناس فى الانتخابات.