معضلة إيران
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الثلاثاء 14 مايو 2019 - 10:35 م
بتوقيت القاهرة
تفاقمت حدة المعركة على مستقبل إيران فى الأيام الأخيرة. فقد شدد الأمريكيون عقوباتهم على النظام الإيرانى، وعلى رأسها إلغاء الإعفاءات على شراء النفط الإيرانى، وإعلان الحرس الثورى تنظيما إرهابيا، وحظر استيراد المعادن من إيران وإلغاء الإذن الممنوح لإيران ضمن إطار الاتفاق النووى لتصدير فائض يورانيوم منخفض التخصيب ومياه ثقيلة. لقد أعطى لها هذا الإذن للسماح لها بإنتاج مواد من دون تخزينها بكميات أكبر مما هو مسموح به فى الاتفاق. كما وجه الأمريكيون قوات لهم نحو إيران.
من جهتها، أعلنت طهران أنه إذا لم تتحرك أوروبا من أجل التخفيف من الانعكاسات الاقتصادية للعقوبات الأمريكية، فإنها ستنسحب بالتدريج من كل تعهداتها فى الاتفاق النووى، ويهدد قادتها بمهاجمة الأمريكيين وحلفائهم. من جهتهم، يشدد الأوروبيون فى ردهم على تمسكهم بالاتفاق، وعلى أنه إذا توقفت إيران عن تنفيذ الاتفاق بصورة كاملة فإنهم سيضطرون إلى تجديد العقوبات. وكما هو منتظر، تقف روسيا والصين إلى جانب إيران، فى هذه الأثناء يستمر الغضب فى الساحة الداخلية الإيرانية على خلفية الضائقة الاقتصادية. خبراء نوويون فى الغرب يواصلون نشر تحليلات عن الأرشيف النووى الإيرانى توضح مدى تقدم المشروع النووى العسكرى الإيرانى حتى سنة 2003، ومدى عدم مسئولية الوكالة الدولية للطاقة النووية فيما يتعلق بالاتفاق النووى.
إن الهدف الأعلى للنظام الإيرانى هو المحافظة على بقائه، وإنقاذ الاتفاق النووى الذى يمنحه القدرة على أن ينتج من دون إزعاج ترسانة كبيرة من السلاح النووى خلال 11 عاما. فى طهران يتخوفون من أن الهدف من الضغوط الأمريكية التسريع فى استبدال النظام، وليس فقط كبح إيران عن الحصول على سلاح نووى، وكبح تطلعاتها إلى الهيمنة الإقليمية.
فى داخل القيادة الإيرانية يدور جدل بشأن سبل مواجهة الضغط الأمريكى: المطروح هو شد الحزام المالى («اقتصاد الجهاد» بحسب الإيرانيين)، ومحاولة ابتزاز أوروبا، من خلال التهديدات، للتعويض عن الخسائر الاقتصادية المتوقعة نتيجة العقوبات، وردع الأمريكيين من خلال التهديدات العسكرية لهم ولحلفائهم، انطلاقا من الافتراض أن ترامب وأقساما من إدارته لا يريدون تصعيدا. ليس أكيدا أن التصريحات الإيرانية الأخيرة تكشف حسما واضحا، ومن المحتمل أن التهديدات الموجهة إلى الغرب هى بالون اختبار. ومع ذلك فإن هذه التهديدات تدفع بالنظام إلى مسار من شأنه مفاقمة ضائقته: اضطرار أوروبا إلى التحرك نحو التنصل من الاتفاق، وازدياد فرص التصعيد.
يبدو أن الإيرانيين يفضلون انتظار نتائج الانتخابات المقبلة للرئاسة الأمريكية قبل أن يتخذوا قرارا، على أمل أن يأتى محل ترامب رئيس ديمقراطى يعيد الولايات المتحدة إلى الاتفاق. مع ذلك، يعتقد خامنئى أنه من دون رد مباشر على تفاقم التهديدات، ستتآكل مكانة النظام وسط الإيرانيين، وستشكل الضائقة الاقتصادية خطرا على استقرار النظام. مع ذلك، من المعقول أن طهران ستسعى للامتناع فى المرحلة الحالية من أن تتحدى عسكريا بصورة مباشرة الولايات المتحدة، انطلاقا من إدراكها حدود قوتها وقابليتها للتأثر بالقدرات العسكرية الأمريكية.
يبدو أن هذا الإدراك هو فى أساس اتخاذ القرارات فى الولايات المتحدة. يريد الأمريكيون إخراج الإيرانيين من توازنهم، من خلال إجبارهم على اتخاذ قرارات قبل المعركة الانتخابية، ووضعهم أمام معضلة: هل يتمسكون بالاتفاق أم يخرقونه تماما ويعرضون بقاء نظامهم للخطر، أو يخضعون للضغوط ويوافقون على طرح الاتفاق على البحث من جديد. فى هذه المرحلة يرفض الإيرانيون الخضوع، لكن فشل جهود الخروج من الضائقة والغليان الداخلى يمكن أن يجبرهم على السير فى هذا الاتجاه.
يتعين على إسرائيل أن تدعم الولايات المتحدة فى جهودها لمنع إيران من الحصول على سلاح نووى. وينبغى لها أن تكون مستعدة لإمكان انعكاس ارتفاع التوتر عليها، وأن يؤدى ذلك إلى التصعيد فى مواجهة التنظيمات التى تدور فى فلك إيران وعلى رأسها حزب الله، والجهاد الإسلامى الفلسطينى، وحركة «حماس».