فـرق سـرعات
غادة عبد العال
آخر تحديث:
الخميس 14 يونيو 2012 - 8:40 ص
بتوقيت القاهرة
«آه منكم يا شباب ثتة وتلاتين، دايما متثرعين».. مقولة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الخالدة فى فيلم الوردة البيضا والتى تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، مش بخصوص تسرع شباب 36 طبعا، لكن حكم كل جيل على الجيل اللى بعده بيظل واحد، من وصفه بجيل متسرع لوصفه بشباب أهوج لحد ما وصل بينا التطور الطبيعى لصراع الأجيال وبقينا العيال اللى خربوا البلد طبقا لكلام جيل آبائنا وحزب الكنبة والدكتور توفيق عكاشة أعزه الله.
أثناء الانتخابات الرئاسية كانت المعركة دايرة فى كل بيت، بين الأبناء المتحمسين لمن يطلق عليهم مرشحى الثورة والآباء المتمسكين بقرار انتخاب بقايا النظام القديم، وبينما تنوعت المواجهات بين معارك كلامية يهاجم كل طرف فيها مرشح الطرف الآخر وحملات سرقة بطاقات شخصية متبادلة للمنع من التصويت وحتى حلفان الطلاق بالتلاتة أو التهديد بالحرمان من الميراث. فى وسط كل هذه المعمعة البعض حاول التفكير فى السبب الحقيقى اللى دفع الآباء لهذا الحماس الجارف تجاه مرشحى النظام القديم، توصل البعض لأن أسباب الحماس هى أولا إن المرشحين دول من ريحة الغالى اللى كان مفهمهم إنه معيشهم فى أمن وأمان. ومن ناحية تانية لأنهم وعدوا بشكل قاطع إن «هوجة» التحرير ــ اللى المواطنين الشرفاء مؤمنين إنها السبب فى خرم عجلة الإنتاج هتتفض للأبد، لكن قد يكون السبب الأهم العِند مع جيل الأبناء وخلاص ،لأن فكرة تفاخر الأبناء المستمر بإن جيلهم هو الجيل اللى حقق المستحيل، وإنه الجيل اللى ما اقتنعش إن النظام ضد الماية وضد النار وفى النهاية أسقطه (أو على الأقل أسقط رأسه) بهتاف «سلمية»، فكرة أكيد مزعجة للجيل الأكبر، اتهامهم الدائم بالعجز عن تحقيق اللى حققه أبناءهم أكيد مسببلهم إحساس من الغيظ المطعم بالخجل هو اللى مخليهم واخدين الموقف العنيف ده تجاه أبناءهم وأفكارهم ومرشحيهم.
هو ده اللى كنت متخيلاه حتى جلست جلسة ودية مع أحد الآباء المؤيدين لأحد رجال النظام السابق، (بدون ذكر أسماء.. «أحمد شفيق»)، اللى كان واضح من نتيجة الحديث هو إن الفرق فى السرعات بين الجيلين هو السبب المباشر لعدم الاتفاق: إحنا جيل يحسن استغلال أدوات عصره، جيل اتعود على الوصول للمعلومة بسرعة، بكام ضغطة زر على الكمبيوتر ممكن نوصل لأصل وفصل ومواقف وآراء وفضايح أو مآثر أى شخصية عايزين نوصل لأصلها، بينما جيل آبائنا لسه معتمد على نشرة 9 والجرائد القومية فى استقاء معلوماته عشان كده معلوماته دايما منقوصة وسهل إقناعه بأشياء لا تمت للحقيقة بصلة، إحنا جيل أكتر شىء بيفرحه إنه يقوم بفعل فى الشارع، قد يكون الفعل هو احتفاله بماتش كورة أو توزيعه لشنط رمضان أو اشتراكه فى مظاهرة سلمية بيتجمعلها مئات آلاف فى أيام قليلة من خلال «إيفينت» على الفيس بوك أو يتجمعلها آلاف فى دقايق بسلسلة تويتات، بينما بيؤمن الكبار بأمثلة كـ: «خليك فى حالك تاكل ملبن»، و«ابعد عن الشر لا تنجر»، و«امشى جنب الحيط يحتار عدوك فيك»، احنا جيل ما عادش بيخاف من الموت، يمكن لأن ظروف بلدنا عمرها ما كانت دافع لينا للاستمرار فى الحياة، من كتر الهنا اللى كنا متوقعينه فى مستقبلنا المظلم، ما عادش يفرق مع كتير منا موت من حياة ، بينما آباؤنا يهمهم إننا نعيش، وهنا مربط الفرس، قد تبدو اختيارات أهلنا وإصرارهم على العناد معانا للبعض كده.. مجرد عناد، لكن الحقيقة إنها خوف علينا ورغبة فى حمايتنا من نفسنا، صحيح الاختيارات دى بتكون فى معظم الأحيان زى اختيار الدبة اللى قتلت صاحبها، لكن لازم نحاول نفتكر إن النية خير، أهلنا مش عايزيننا نموت ولا نصاب فى بلد علمتهم إنها بتنسى ولادها وقت الشدة، مش عايزيننا نقف قدام الغولة ونقولها عينك حمرا عشان خبرتهم فى لعبة الأتارى اللى اسمها «الحياة فى مصر» إن الغولة هى دايما اللى بتكسب، مش عايزيننا نجرى ورا كلمة ثبت لهم بالدليل القاطع إنها خارج قواميس بلدنا وهى كلمة (أمل)، لكن احنا جيل عنيد بنجرى وهنفضل نجرى لحد ما نوصل للى بنحلم بيه وكلنا أمل ويقين إننا فى يوم قريب هنقنعهم ينضموا لفريقنا وساعتها هنبقى أقوى وأكتر ونقدر مع بعض نهزم الغولة فى «الليفيل» الأخير.