الذين يكتبون فى الشأن المسيحى
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 14 أغسطس 2018 - 9:10 م
بتوقيت القاهرة
كتب الصديق الأستاذ عماد الدين حسين فى زاويته بـ«الشروق» أمس متسائلا عن هوية الأشخاص الذين لهم حق الكتابة فى الشأن المسيحى، مشيرا إلى انتقادات وجهت له من أصدقاء للخوض فى هذه المسألة خاصة بعد مقتل الأنبا أبيفانيوس رئيس دير «أبومقار». ليس جديدا أن يثار هذا الأمر، ولاسيما فى ضوء الحساسيات الزائدة فى المجتمع. لكنى أرى من جانبى أن تصدى كاتب مسلم للشأن القبطى ليس عيبا، بل هو ميزة فى تحقيق التعارف والتفاعل بين المواطنين. وقد قدم عدد من المثقفين المسلمين معالجات مهمة فى الشأن القبطى، بل تكاد تكون مراجع لكل باحث اتفق أو اختلف معها من بينهم المستشار طارق البشرى، الاستاذ محمد حسنين هيكل، الدكتور مصطفى الفقى، الدكتور رفعت السعيد، الأستاذ نبيل عبدالفتاح، وغيرهم حيث تميزت كتاباتهم ــ رغم اختلاف مشاربهم الفكرية ــ بعمق فى المعالجة، وتعدد زوايا النظر، وهناك عدد من الباحثين لهم اسهامات بحثية سواء فى رسائل جامعية أو دراسات متميزة منهم الدكتورة نيفين مسعد، والدكتورة دينا الخواجة، والدكتورة مى مجيب، والدكتور يسرى العزباوى، وهناك من الكتاب من له مقالات وتحقيقات مهمة نذكر منهم رجب البنا، ومحمود فوزى، وسناء السعيد، وأسامة سلامة، وحمدى رزق، وفاطمة ناعوت، وسارة علام وغيرهم، وهناك من الكتاب من سعى إلى اكتشاف الشأن القبطى من مربع التيار الإسلامى مثل عبدالله الطحاوى فى تجربة «إسلام أون لاين». وهناك العشرات من الكتاب من تصدوا للشأن القبطى فى مناسبات عديدة خاصة فى الأحداث الإرهابية أو عند الشعور بأن العلاقات الإسلامية المسيحية تواجه تحديات.
ما أريد قوله أن تصدى باحث أو كاتب مسلم للشأن القبطى ليس بدعة أو خروجا على المألوف، بل هو أمر طبيعى فى مجتمع يعيش فيه مواطنون يجمعهم تاريخ وثقافة وأحوال معيشية مشتركة، وينبغى أن يكون بينهم تعارف متبادل، وتزول الحساسيات فى العلاقات بينهم. وأظن أن الحالة الإسلامية فى المجتمع فى حالة انكشاف، والدراسات حولها كثيرة منذ زمن، وهناك من الباحثين الأقباط بالمناسبة الذين يكتبون فى الحالة الإسلامية، وبعضهم يكتب فى جريدة «صوت الأزهر» الآن، التى يرأس تحريرها الصحفى المتميز أحمد الصاوى، وهناك من التغطيات الصحفية عن المسيحيين نشرت فى هذه الجريدة تحت لافتة التعارف والانفتاح.
الإشكالية فى رأيى ليست الهوية الدينية للباحث أو الكاتب، وليست كذلك فى نوعية الموضوعات التى يخوض فيها، ولكن فى البوصلة التى توجهه، والروح التى تسرى فى عمله، والمقاصد التى يبتغيها. البحث أو الكتابة حرفة، المهم هو حسن استغلالها. هناك من الكتاب المسلمين الذين تصدوا للشأن المسيحى بروح فيها عداء، وهناك من بعض الأقباط من يتصدون للشأن الإسلامى سواء فى مواقع التواصل الاجتماعى أو بعض الكتابات بروح سلبية. وفى الحادث الأخير فى دير أبومقار، رغم مأساويته ودلالاته السلبية، فإن هناك من الكتاب المسلمين كانوا أكثر مسئولية وموضوعية من بعض الأقباط الذين وجدوا فى الحادث فرصة لتصفية حسابات أو إعادة إنتاج مواقف انقسامية.
هوية الكاتب ليست عائقا له طالما أنه يقف على أرضية وطنية.