مثل غزة.. إسرائيل تقترب من محاربة لبنان دون استراتيجية واضحة
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
السبت 14 سبتمبر 2024 - 9:30 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة «الأخبار» المقربة من حزب الله قائمة طويلة وتفصيلية ودقيقة للغاية للمساعدات التى وزّعها الحزب على سكان الجنوب اللبنانى. وتضمّنت 288.617 حصة غذائية، و97.906 مساعدة مالية شهرية للعائلات «الصامدة»، أى التى بقيت فى قراها فى الجنوب اللبنانى، وللعائلات التى نزحت، ومساعدة أكثر من 25.748 شخص دُمِّرت منازلهم، و3.188 مساعدة إيجارات للمنازل، وهلمّ جرا. وجرى التذكير أنه مقارنةً بحرب لبنان الثانية، هذه المرة، لم ينتظر حزب الله انتهاء الحرب من أجل ملء الفراغ المعتاد لغياب الحكومة ومؤسساتها والمساعدات المحلية والدولية.
ما نُشر هو جزء من حملة يقوم بها حزب الله للتأثير فى الرأى العام اللبنانى فى مواجهة الانتقادات الشعبية والسياسية ضد الحرب. لكن هذا ليس منقطعا عمّا يسمعه الحزب بشأن ما يحدث فى إسرائيل. حيث يسود الإحباط واليأس وسط نحو 100 ألف إسرائيلى وإسرائيلية غير قادرين على العودة إلى منازلهم؛ ويد الحكومة الإسرائيلية المكبلة لا تبذل ما يكفى لمساعدة العائلات الإسرائيلية «الصامدة»، والتى هُجِّرت من منازلها.
حزب الله يعتبر نزوح عشرات الآلاف من المواطنات والمواطنين الإسرائيليين جزءا من انتصاره فى المعركة ضد إسرائيل، كما يعتبر إشغال الجيش الإسرائيلى على الجبهة الشمالية ركيزة أساسية فى مساهمة الحزب فى «وحدة الساحات»، الأمر الذى يخفف من الضغط على غزة.
تتواصل المحادثات بين الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة اللبنانية، وبصورة غير مباشرة، مع حزب الله، من خلال رئيس البرلمان نبيه برى، بشأن خطة «اليوم التالى للحرب»، التى تركز على كيفية تطبيق القرار 1701. لكن الأسبوع الماضى، فاجأ وزير الخارجية عبد الله بو حبيب القيادة السياسية عندما قال إنه تحدث مع الأطراف المطّلعة على الموضوع فيما يتعلق باستعداد لبنان لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار». واستنادا إلى كلامه: «نتحدث مع كل الدول، ومع مجلس الأمن، أنه عندما يجرى التوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة، سيتعين على مجلس الأمن اتخاذ قرار جديد، لا يكون نسخة معدّلة عن القرار 1701».
ليس واضحا ما دفع بو حبيب إلى هذا الكلام الذى يتعارض مع الموقف الثابت للحكومة اللبنانية، الذى يطالب بتطبيق القرار 1701 كاملاً، مع تعديلات طفيفة، من دون تغيير فى جوهره. تعرّض بو حبيب لسيل من الانتقادات، بعدها سارع إلى التوضيح أن ما قيل بشأن اتخاذ قرار جديد (بدلاً من القرار 1701) هو مسألة نظرية، وليست بديلاً عن القرار الموجود.
بيْد أن المبادئ والاتفاقات الداخلية فى لبنان هى «مسألة نظرية»، لكن يبدو أن كلام الوزير ليس نظريا، بل مصدره توضيحات وصلته من الولايات المتحدة، وبصورة غير مباشرة من إسرائيل، مفادها أن القرار 1701 فقد دلالته فى مواجهة التهديد الباليستى البعيد المدى لحزب الله. هذا القرار يطلب من الحزب الانسحاب إلى ما وراء الليطانى وإبعاد تهديد الصواريخ القصيرة المدى، لكن هذا الانسحاب لا يمنع خطر الصواريخ البعيدة المدى، أو المسيّرات. ومعنى ذلك، أنه حتى لو جرى التوصل، إلى وقف إطلاق نار فى غزة يتبناه حزب الله، فإنه لن يكون كافيا لخلق الشعور بالأمان، ويسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم.
يبرز هنا غياب استراتيجية إسرائيلية واضحة تشرح أى نوع من التسوية تسعى لها مع حزب الله ولبنان. ومقارنةً بتدمير «حماس»، أو على الأقل، القضاء على قدراتها العسكرية والمدنية فى غزة، فإن إسرائيل لم تضع تدمير حزب الله كهدف لهذه الحرب، ولم تحدد ماهية التهديد اللبنانى الذى تريد تحييده، ولا سيما أن جزءا كبيرا من هذا التهديد سيبقى موجودا، حتى بعد تطبيق القرار 1701.
هل تشارك إسرائيل «نظريا» موقف وزير الخارجية اللبنانى بشأن ضرورة اتخاذ قرار جديد فى مجلس الأمن؟ يبدو أن إسرائيل، مثلما فعلت فى غزة، تحضّر لحرب على لبنان، من دون أن يكون لديها استراتيجية، أو سياسة واضحة حيال ما تريد تحقيقه.
تسفى برئيل
هآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية