لو كنت أمريكيا
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 14 سبتمبر 2024 - 9:25 م
بتوقيت القاهرة
لو كنت أمريكيا كنت تحيرت فى الاختيار بين كاميلا هاريس ودونالد ترامب خاصة بعد المناظرة التليفزيونية يوم الثلاثاء الماضى التى لم يربح فيها أحد منهما بل تعادلا صفر- صفر ولا اعرف حقيقة جدوى تلك المناظرات إذ عادة أن ما يقوله المرشحون يغيرونه أو تتغير الاحوال فتتغير معها الوعود التى وعدا بها ولكن لا بأس أن نعمل مقارنة بين الاثنين .
السيدة كاميلا تميل نحو اللبيرالية اليسارية فهى تتعاطف مع الطبقة الوسطى والفقراء فتعدهم بوعود تخفيض الإيجارات وتوظيف أكبر عدد منهم وزيادة تأميناتهم الاجتماعية والصحية مع مزيد من الإعفاء الضريبى أما علاقتها مع اسرائيل فهى ليست وثيقة الصلة كما كان رئيسها بايدن الذى أعلن جهارا صهيونيته ونزل بثقل الولايات المتحدة الامريكية على إسرائيل حيث أغدق عليها المال والسلاح رغم معارضتة العلنية لبعض القتل والتدمير الذى ألحقته بغزة فكاميلا تعلن تمسكها بحماية اسرائيل ولكن لها تعليقات قوية تجاه قتل الأبرياء فى غزة فهى مع حل الدولتين حتى ينعم العالم ببعض السلام، ولكن لا يجب أن ننسى أن اللوبى الذى يعضدها ويعضد المظاهرات التى تخرج فى كل أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية مطالبة بوقف الحرب فى غزة هى فى المقدمة الأولى اتفاق إيران لأن من مصلحة إيران العودة إلى النووى التى أبرمته لصالحها مع إدارة أوباما والذى نقده وألغاه دونالد ترامب فى بداية رئاسته الاولى 2016، أما من جهة المواضيع الأخلاقية فهى متحررة تماما مخالفة بذلك عاداتنا وتقاليدنا وأدياننا المختلفة إذ تؤكد على حق المرأة فى التحكم فى جسدها ومن ثم الإجهاض والموت الرحيم وحق المثليين فى الإعلان عن ذاتهم وقد استقبلتهم فى البيت الابيض وكانت الصورة قميئة لأبعد درجة.
من جهة أخرى الرئيس دونالد ترامب يهتم بالمواضيع الاخلاقية خلافا لغريمته ويلعب على وتر الدين إذ له أقوال تشعر منها أنه من المبشرين فى الكنائس الأمريكية الكبيرة المسماة megachurch ولكن هذا ليس معناه أنه شخص طاهر من أى معصية ولكنه يلاطف اليمين المسيحى الأمريكى والذى يعد تقريبا 75% من عدد السكان لذلك يؤازر إسرائيل فى كل ما تفعله وهو ذاته الذى قال عن غزة إنها ضيقة ويفكر كيف عليه توسيعها وهو الرئيس الأمريكى الوحيد الذى نقل سفارة بلاده إلى القدس ولا يرى فى العرب، خاصة الدول البترولية إلا ما يفيد الصفقات التجارية والسلاح وهو المشجع الاول للاتفاق الإبراهيمى وذلك لإجبار الدول العربية قبول إسرائيل كدولة فى المنطقة وشريكا تجاريا وسياسيا ولكن من ناحية أخرى فى ظل مدته الرئاسية الاولى قد أنعش الاقتصاد الامريكى من خلال الإعفاءات للمؤسسات المالية والاقتصادية مما زادها غنى على حساب مصلحة صغار الموظفين والعمال.
فإذا كنت أمريكيا من أصحاب الأصوات المتارجحة قد أكون متحيرا فمن اختار فالاثنان يوعدان بوعود لا أعرف مدى جديتها فى التطبيق فالسياسة الامريكية تتغير تغيرا شبه شامل كل أربع أو ثمانى سنوات حسب ساكن البيت الابيض فلا استقرار فيها أو بها حسب المصلحة القصيرة الأمد فلو كنت أمريكيا لازداد تحيرى أكثر وأكثر.