القراءة «الصحيحة» لتقارير الصحة النفسية عن مصر
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 14 أكتوبر 2016 - 10:10 م
بتوقيت القاهرة
ونحن والعالم نحتفل بيوم الصحة النفسية العالمى كان من نصيب عاصمة أم الدنيا «القاهرة» أن يأتى ذكرها مرارا فى مناسبات متعددة ووسائل إعلام مختلفة. دراسة عن ظاهرة الانتحار أعلنت نتائجها منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن مصر والحمد لله تعالى تأتى فى عداد الدول التى لا يقبل مواطنوها على الانتحار، بل وتشهد المنظمة بجلاء على أن المصريين لا يقبلون على الانتحار رغم أنهم يعانون من وقائع حياة يومية صعبة ومشكلات اقتصادية واجتماعية عصية على الحل. الدراسة اكتفت بالإشارة إلى طبيعة منحنى الظاهرة ما بين ازدياد وانحسار فى بلاد العالم ومنها مصر وإن لم تتطرق إلى الأسباب وإن أضافت فيما يتعلق بأحوال أم الدنيا مشيرة إلى أن المصريين محبون للحياة متمسكون بها. خير إن شاء الله.
جاء ذكر القاهرة الزاهرة للمرة الثانية هذا الأسبوع فى دراسة ألمانية رغم أنها تعود لأكتوبر ٢٠١٥ إلا أنها تنشر الآن «سكان القاهرة الأكثر عرضة للاكتئاب والضغوط العصبية حول العالم.. واستندت الدراسة إلى دلالات مهمة منها طرق كسب العيش، والفوضى المرورية والزحام والتلوث السمعى والضوضاء وانتشار المساحات الخضراء أو انحسارها». جاءت القاهرة على رأس القائمة فى الدراسة الألمانية التى اجريت لاستعراض أكثر بلاد العالم قربا لما يجلب للإنسان من صفاء ذهنى وصحة نفسية أو اكتئابا وثقلا نفسيا. للأسف تصدرت القاهرة قائمة العواصم الداكنة فى العالم التى لا ينصح بزيارتها رغم حلاوة شمسنا وخفة ظلنا وربيع طول السنة.
الموقع الثالث الذى أتى على ذكر قاهرة المعز فى أسبوع الصحة النفسية كان جريدة الجارديان البريطانية أيضا أحرزت القاهرة المركز الأول فى أكثر المدن بعثا على الاكتئاب والتوتر النفسى.. استشهدت الجارديان بما جاء فى كتاب خالد الخميسى «تاكسى» والذى جمع فيه حوارات له مع سائقى التاكسى فى القاهرة تعكس معاناتهم مع فوضى المرور وزحام الطرق ومتاعب الركاب وأزمات الوقود فى مقابل متطلبات الحياة الملحة ومطالب أسرهم وصراعاتهم للحصول على لقمة العيش. جاءت صور الخميسى صادقة متتابعة لتشمل تفاصيل حياة يومية قاسية بالفعل تشمل معاناة ما يربو على ثمانين ألف من سائقى التاكسى يصارعون الحياة فى شوارع القاهرة المختلفة بحثا عن رزق يوم بيوم.
أين موقعنا إذن على خريطة العالم للصحة النفسية؟
لست نعامة لأدفن رأسى فى الرمال ولست قردا حتى لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم ولست كالحمال يحمل أثقالا لا يدرى كنهها.. إنما أنا إنسان ميزه الله بالعقل، لذا وبعيد أن قرأت تلك التقارير فى أسبوع الصحة النفسية أقول نحن قوم محبون للحياة راغبون فى البقاء رغم كل ما فى النفق المظلم ــ الذى احتجزنا فيه الزمن ــ من كآبة وضغوط عصبية إلا أن الضوء مازال واضحا فى نهايته.
نحن أمة فى محنة لكننا شعب طويل التيلة. رغم أنف الكآبة والضغوط النفسية مصر مازالت «فيها حاجة حلوة».