احتمالات بسباق تسلح خطير فى الشرق الأوسط

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الإثنين 14 أكتوبر 2024 - 7:37 م بتوقيت القاهرة

فى الأسبوع الماضى، أثناء حديثه فى مؤتمر التهديدات السنوى الذى استضافته منظمة «سايفر بريف» Cipher Brief فى ولاية جورجيا الأمريكية، سُئل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، عن الموقف فيما يتصل بالبرنامج النووى الإيرانى. أجاب بيرنز أمام الحضور: «إننا لا نرى اليوم أى دليل على أن المرشد الأعلى تراجع عن القرار الذى اتخذه فى نهاية عام 2003 بتعليق برنامج التسلح». لكن بيرنز استطرد، قائلًا: «إن إيران أصبحت فى موقف أقرب كثيرًا لإنتاج ما يكفى من المواد الصالحة للأسلحة النووية، وأن الوقت اللازم لتجاوز العتبة النووية أصبح الآن أسبوعًا أو أكثر قليلًا، الأمر الذى يجعل إيران دولة على عتبة إنتاج القنبلة».
يُقال إن المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى، أصدر فتوى ضد استخدام الأسلحة النووية فى عام 2003. ومع ذلك، ونظرًا لتاريخ إيران فى التفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة فى عام 2015 ثم انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق بعد بضع سنوات، فقد تقرر إيران المضى قدمًا. وكان وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، قد قال الشهر الماضى، رغم رفضه مناقشة المعلومات الاستخباراتية بالتفصيل، إن روسيا تتقاسم التكنولوجيا والمساعدة الفنية مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووى.
• • •
بينما تواصل إسرائيل الاستعداد للرد على وابل الصواريخ الإيرانية التى انطلقت تجاهها أول الشهر الجارى، فإن إحدى مجموعات الأهداف قد تشمل البنية التحتية النووية لطهران، بما فى ذلك إمكانية قيام إسرائيل بضرب منشآت التسلح، ومحطات تخصيب الوقود، ومختبرات البحث والتطوير. وقد يستلزم هذا مزيجًا من الضربات الصاروخية والهجمات السيبرانية. هناك أهداف محتملة متعددة ومعروفة، بما فى ذلك نطنز، وفوردو، وأصفهان، وغيرها. ولأن المواقع توصف بأنها «أهداف صلبة ومدفونة عميقًا»، ومعززة ومحفورة فى الجبال، يشكك كثر فى قدرة القوات الجوية الإسرائيلية على ضربها دون مساعدة الولايات المتحدة.
من جانبه، حذر الرئيس الأمريكى جو بايدن، إسرائيل من هذا، مقترحًا أن يكون الرد الإسرائيلى على هجمات الصواريخ الإيرانية متناسبًا. ومع ذلك، زعمت الأطراف المتشددة داخل إسرائيل، بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق نفتالى بينيت، أن إسرائيل لديها فرصة نادرة لملاحقة البرنامج النووى الإيرانى، وهو ما أسماه «أعظم فرصة لإسرائيل منذ 50 عامًا لتغيير وجه الشرق الأوسط».
من شأن الهجوم الإسرائيلى على الأصول النووية الإيرانية أن يغير وجه الشرق الأوسط تمامًا، وإن لم يكن للأفضل. فى الماضى، اعتمدت إسرائيل على تدابير أخرى، بما فى ذلك الهجمات الإلكترونية واغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، لإبطاء تقدم طهران نحو القنبلة.
ومع ذلك، إذا شنت إسرائيل هجمات عبر المنشآت النووية الإيرانية ولم تتمكن من تدميرها بالكامل، فهناك قلق متزايد من أن إيران ستتسابق لبناء قنبلة.
• • •
تحرك إيران نحو امتلاك قنبلة قد يؤدى إلى سباق تسلح نووى فى منطقة الشرق الأوسط، وهى منطقة متقلبة بالفعل، فقد تقوم دول مثل السعودية والإمارات، وربما أيضًا تركيا، باتباع نفس النهج للوصول لتكافؤ الفرص. فى حديثه فى مارس 2018، قال ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، بشكل مباشر للغاية: «السعودية لا تريد امتلاك أى قنبلة نووية، ولكن إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسنحذو حذوها فى أقرب وقت ممكن». فى سبتمبر 2023، كرر بن سلمان هذا البيان، قائلًا لشبكة فوكس نيوز: «نحن قلقون من حصول أى دولة على سلاح نووى، وإذا طورت إيران قنبلة، سيتعين علينا الحصول عليها». فى عام 2019، تم الكشف لأول مرة عن أن السعودية قد أنهت تقريبًا بناء أول مفاعل نووى لها على مشارف العاصمة الرياض. وبعد عام من هذا الوقت، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن المملكة تبنى منشأة لاستخراج كعكة اليورانيوم الصفراء، وهو مشروع تم تنفيذه بمساعدة صينية.
دفع المزيد من التعاون بين الرياض وبكين مجتمع الاستخبارات الأمريكى إلى تقييم إمكانات هذه الشراكة لبناء قدرة صناعية لإنتاج الوقود النووى. كانت إحدى الحوافز التى لوحت بها واشنطن لإغراء الرياض بالمضى قدمًا فى صفقة التطبيع مع تل أبيب هى المساعدة الأمريكية فى إنشاء برنامج نووى مدنى. لكن يستطيع الجانب السعودى المضى قدمًا فى بناء برنامج نووى بعيدًا عن الولايات المتحدة عن طريق الاستمرار فى العمل مع الصين أو طلب المساعدة من دول مثل روسيا.
كما صرح المسئولون السعوديون علنًا عن خطط لمزيد من تطوير القدرة على إنتاج الوقود النووى باستخدام الموارد المحلية. على سبيل المثال، فى عام 2019، أعلن وزير الطاقة السعودى الأمير عبدالعزيز بن سلمان آل سعود، حتى لو قمنا بتوسيع [الطاقة النووية].. نريد الانتقال إلى الدورة الكاملة، لإنتاج اليورانيوم وتخصيب اليورانيوم. فى يناير 2023، قال وزير الطاقة السعودى، إن المملكة تعتزم استخدام مواردها المحلية الكبيرة من اليورانيوم لإنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب (LEU). وفى حين قلل بعض المحللين من أهمية فكرة أن السعودية يمكن أن تنتج قنبلة بسرعة إذا اتخذت القيادة القرار بذلك، لا تزال هناك مخاوف جدية وموثوقة بشأن توجه الرياض فى هذا الاتجاه.
• • •
الإمارات أصبحت أول دولة عربية تبنى وتشغل محطة للطاقة النووية فى أغسطس 2020 عندما تم إنشاء محطة براكة للطاقة النووية. أما تركيا، ففى حديثه فى سبتمبر 2019، علق الرئيس رجب طيب أردوغان: «لدى بعض الدول صواريخ برءوس نووية، وليس واحدًا أو اثنين. لكنهم (يخبروننا) أننا لا نستطيع امتلاكها. هذا لا يمكننى قبوله»، وذلك أثناء حديثه إلى أعضاء حزب العدالة والتنمية. وتابع: «لدينا إسرائيل بالقرب منا، كجيران تقريبًا. إنهم يخيفون (الدول الأخرى) بامتلاكهم لهذه الصواريخ. لا أحد يستطيع المساس بهم».
• • •
لا شك أن الحملة العسكرية التى تشنها إسرائيل حاليًا فى مختلف أنحاء المنطقة (غزة، ولبنان، واليمن، وإيران) قد تدفع بلدانا أخرى فى الشرق الأوسط إلى إعادة النظر فى موقفها من تحقيق الردع النووى. إذ من بين الدروس التى ربما تعلمتها بعض البلدان من تغيير النظام فى العراق وليبيا هو العواقب المترتبة على عدم امتلاك رادع نووى، ما قد يدفع أيضًا إلى المزيد من استكشاف القدرات اللازمة لتصميم مثل هذا البرنامج والحصول على المكونات الضرورية. ومع تجاوز الخطوط الحمراء فى المنطقة على مدى العام الماضى، فقد انتشر شعور واسع النطاق بالتقلب فى الشرق الأوسط، وقد تكون النتيجة أن تسعى البلدان إلى تبنى سياسات أو مسارات ربما لم تكن لتتبناها لولا ذلك، وهو ما يسهم فى تفاقم المعضلة الأمنية التى قد تدفع المنطقة إلى شفا حرب شاملة، مع تداعيات لا يمكن تحملها.

The Soufan Center
ترجمة: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلى:
https://bitly.cx/acwSW

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved