هل سمعت عن ثورة لها مواعيد حضور وانصراف؟

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الأربعاء 14 ديسمبر 2011 - 12:45 م بتوقيت القاهرة

فى كل دول العالم تبدأ الثورات فى لحظة معينة ولا يعرف أحد متى تكمل دورتها وأين تتوقف وتنتهى، إلا فى مصر حيث قررت الحكومة اختراع «مواعيد الثورة الرسمية» على الطريقة البيروقراطية العتيقة، وعلى هذا الأساس يتم تصنيف الضحايا كشهداء أو غير ذلك، وعليه قررت الدولة أن تحذف اسم الشاب الأسوانى محمد محسن لأنه لقى مصرعه فى غير المواعيد الرسمية، من وجهة نظر الحكومة طبعا.

 

ففى خطاب موجه من وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية بتاريخ 9 يوليو الماضى إلى مديرية التضامن الاجتماعى بسوهاج جاء ما يلى بناء على أحداث ثورة 25 يناير لسنة 2011 (تذكرك الصياغة بطريقة كتبة جلسات المحاكم)، وعلى ما صدر بشأنها من قرارات بشأن مساعدة المصابين برجاء التكرم بالتنبيه بالتالى: تم تحديد موعد الثورة من 25 يناير حتى 24 مارس 2011 بناء على ما تم إصداره من مجلس إدارة صندوق رعاية ضحايا الثورة».

 

وغنى عن البيان أن الثورة المصرية أثبتت أنها عنيدة ومتمردة ومشاغبة ولم تخلد إلى النوم فى الموعد الذى اختارته لها الحكومة لكى تخمد وتهمد، فرأينا منها موجات متلاحقة آخرها معركة شارع محمد محمود التى سقط فيها أكثر من 40 شهيدا، اضطرت الدولة للاعتراف بهم كذلك رغم أنف اللوائح والقوانين والقرارات الرسمية.

 

وبكل تأكيد لن تكون موقعة 19 نوفمبر المستمرة حتى الآن وإن اتخذت شكل الاعتصام السلمى أمام مجلس الوزراء ومجمع التحرير، لن تكون الأخيرة طالما بقيت أجهزة السلطة تصر على عدم الاعتراف بالحقيقة الناصعة، وهى أن مصر شهدت وتشهد ثورة كاملة الأوصاف وليست مجرد هبة شعبية أو انتفاضة أو حركة إصلاحية، وما دام بقى قتلة الثوار متمتعين بطيب الإقامة فى السجون الفارهة ومراكز العلاج الفندقية، وما دام استمرت السلطة الحاكمة فى السير عكس اتجاه الثورة.

 

ولو أن الدكتور كمال الجنزورى توقف عن الركض وراء التقاط الصور الفوتوغرافية له مع مجموعات من الشباب ونشرها فى الصفحات الأولى من الجرائد باعتبار ذلك إنجازا كبيرا حققه الجنزورى نجح من خلاله فى اختراق وحدة الثوار، لو أنه بدلا من ذلك ذهب إلى المعتصمين لسمع كلاما جادا ومحترما فى أسباب الاعتصام، غير كل الذى ينقل له فى مدينة نصر.

 

إن المعتصمين متمسكون بأماكنهم ومصرون على مواصلة الصمود، ليس طلبا لبعض التحسينات المعيشية والإصلاحات السياسية أو بعض المكاسب الصغيرة، بل هم هناك لأنهم اكتشفوا أن ثورتهم تواجه حملة إزالة من الوجدان الشعبى، ومن ثم فهم معتصمون فى ظل ظروف مناخية، وتحرشات أمنية سرية، عاتية إعلاء لمبادئ وقيم وليس استجداء لمطالب وتحقيقا لمصالح آنية عابرة.

 

لقد نشر كلام كثير عن لقاء الجنزورى مع المعتصمين الخمسة، وللأسف أنه فى معظمه سيناريو كاذب وملفق، باستثناء الصورة الفوتوغرافية، وحسبما أكد لى الواعظ هانى حنا فى موقع الاعتصام مساء أمس الأول فإن ما نشر بعد الاجتماع كان كذبا صريحا، والأهم أن الذين جلسوا مع الجنزورى لم يدعوا أنهم ممثلون عن الاعتصام.

 

إن الثورة فعلا مستمرة، لكن من يفهم أو يقرأ درس التاريخ!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved