فوق الدولة والقانون

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الأربعاء 15 فبراير 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

حسب المنشور فى جريدة «التحرير» أعرب عبدالمنعم عبدالمقصود محامى جماعة الإخوان، رفضه رقابة من الجهاز المركزى للمحاسبات على أموال الجماعة، الجماعة إذن ليست حزبا لأن القانون يسمح لجهاز المحاسبات برقابة أموال الأحزاب، والجماعة أيضا ليست جمعية، لأن الجهاز أيضا يراقب أموال الجمعيات وميزانياتها، ماذا تكون إذا؟.

 

قال المحامى والنائب صبحى صالح: «اعتبروها جمعية أو جماعة أو حتى مركز شباب، المهم أن لها وضعا قانونيا»، والحقيقة أن ما نعرفه أن أى كيان له وضع قانونى فى هذا البلد لابد أن يخضع لرقابة القانون ولسلطة الدولة وأجهزة المحاسبات فى متابعة الميزانيات وربما، لكن محامى الجماعة يرفض. ما يعنينى هو أن تقارن بين اللغة التى ترفض المحاسبة أو الاقتراب لوضع الجماعة أو ميزانياتها واخضعها للشفافية المفترضة التى نطالب بها حتى الجيش وميزانياته، وبين لغة سابقة قبل أشهر حين قال خيرت الشاطر نائب المرشد العام، إن الجماعة تريد تعديل قانون الجمعيات الأهلية بما يتناسب مع وضع الجماعة الحالى، وذلك فى سؤال لـ«الشروق».

 

وقبل أسابيع من ذلك قال د.أحمد أبوبركة المستشار القانونى لحزب الإخوان ذات الكلام، وقال إن قانون الجمعيات الحالى لا يناسبنا وسنسعى لتعديله، وهو كذلك ذات الموقف الذى اتخذه د.رشاد البيومى نائب المرشد الثانى فى حوار مع «الشروق» أيضا.

 

وقبل ذلك بأشهر كان خطاب الإخوان أكثر اختلافا ويتحدث عن أن الجماعة لن تكون فوق القانون وستخضع له ولكل ما تكفله الدولة من أدوات رقابة، ما الذى تغير فى مواقف الجماعة من الرغبة فى تقنين الأوضاع وحتى الرد بصلف أنها لا تحتاج أصلا لتقنين، وأن أموالها لن تخضع لأى رقابة، هل هو زهو أن السلطة التشريعية صارت فى أيديهم، فماذا سيحدث حين تجتمع السلطات كلها؟، هل سيفرضون على المصريين كيانا أعلى من الدولة والقانون اسمه الجماعة أو المرشد العام، خاصة حين تربط ذلك بتصريحاتهم حول علو موقع المرشد على موقع الرئيس؟

 

ستجد أنك أمام محاولة واضحة إما لإقرار وضع قانونى خاص للجماعة يجعلها فوق الدولة والقانون، إما بتفصيل القانون عبر «الترزية الجدد» كما قال الشاطر، أو بفرض العمل دون غطاء قانونى أو رقابة كما قال عبدالمقصود لتطبيق نموذج «ولاية الفقيه» عمليا ولو بشكل غير مكتوب ومقنن، عندما تكون لديك حكومة من الإخوان تتبع مرشدا أعلى يقود جماعة مستقلة وكأنها دولة داخل الدولة وأعلى منها.

 

سيقولون لك إن هناك وضعا قانونيا ولا يوجد قرار للحل، وبفرض ذلك هل لم يتعدل قانون الجمعيات لأكثر من مرة منذ أيام الملك وحتى الآن، بما يلزم الجماعة أيضا بتصحيح أوضاعها وفقا للتعديلات؟ هذه أسئلة مشروعة قطعا وتحتاج إجابات من قيادات حزب الحرية والعدالة، ولا علاقة لها بمكايدات سياسية بقدر ما لها علاقة بالمواقف الأخلاقية من نخبة جديدة جاءت بمشروع قائم على إعادة الاعتبار للقانون، ولا يجب أن تكون أول من ينتهكه بعنف يجعل التفريق بينها وبين النخبة التى سبقتها فى الحكم ليس إلا فى الشكل دون المضمون، ولاحظ أن هناك معركة للمجتمع كله مع محاولات «منسوبة» للقوات المسلحة، للحصول على وضع خاص فى الدستور، وإبقاء ميزانياتها خارج رقابة الدولة، فإذا كنا نرفض جميعا ومعنا الإخوان أن يكون الجيش فوق الدولة.. هل نقبل ذلك للجماعة؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved