حرب عالمية ضد كورونا
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الأحد 15 مارس 2020 - 10:50 م
بتوقيت القاهرة
** تخوض البشرية حربا شرسة مع عدو صغير وخسيس، ولا نراه بالعين المجردة لكنه سريع الانتشار بدرجة مذهلة. وهى حرب عالمية. لا تستثنى منها دولة ولا يستثنى منها إنسان. ويبدو غريبا أن الكوكب يتعرض لوباء أو مرض كل مائة عام، ففى 1720 ضرب الطاعون مرسيليا، ثم فى 1820 هاجمت الكوليرا البشر، وفى 1920 شنت الإنفلونزا الإسبانية حربها العنيفة ضد الإنسان وسقط لها ضحايا. وهانحن نواجه فيروس كورونا فى 2020.
**علينا مواجهة هذا الخطر بمنتهى الجدية ودون استهتار أو تعالٍ، فالمجهول يستحق أن نخشاه. وإيقاف النشاط الرياضى ليس هو القضية التى تستحق أن نتوقف عندها، فهو قرار عالمى. ومن إبداعات الألمانى يورجن كلوب مدرب ليفربول أنه رد على سؤال حول كورونا فى مؤتمر صحفى بمنتهى العنف ضد الصحفى الذى طرح السؤال، وبقوله إنه ليس متخصصا كى يجيبه، وإن مدرب كرة القدم ليس مهما لهذه الدرجة وليس طبيبا ولا عالما كى يجيب على مثل هذا السؤال الذى طرحته ويورجن كلوب هو الذى قال:
«كرة القدم من أهم الأشياء فى الأشياء الأقل أهمية».
** لم يعلق يورجن كلوب على إيقاف النشاط الكروى حتى الرابع من إبريل المقبل أو على احتمالات إلغاء المسابقة التى يتصدرها فريقه ويكاد يتوج بطلا لها لأول مرة منذ عام 1990. ولكن التعليق جاء من المنافسين الذين طالبوا بمنح ليفربول اللقب فى حالة إلغاء البريمييرليج هذا الموسم. وهو موقف من المواقف الرياضية النبيلة التى لا تحتاج إلى مال وإمكانيات وتقدم تكنولوجى، فقط إنها مسألة تتعلق بالأخلاق وبقيم الرياضية، فلا أحد اعتبر إلغاء الموسم عدلا.. ولا أحد فى إنجلترا رأى أن ليفربول لا يستحق اللقب.!
** إن إيقاف النشاط الرياضى ليس هو القضية التى تستحق أن نتوقف عندها، فهو قرار عالمى، ومن الطبيعى أن تسير مصر فى الطريق نفسه. فلا يوجد نشاط واحد تقريبا يمارسه البشر الآن. لا فى أى دولة ولا فى أى لعبة.. من مونتسيرات إلى الولايات المتحدة. ومن التجديف إلى كرة القدم. وكل البطولات الكبرى والأحداث الرياضية مهددة بالتأجيل أو الإلغاء. من الدوريات المحلية والقارية إلى كأس الأمم الأوروبية ودورة طوكيو الأولمبية فالفيروس يهدد أنشطة مالية وصناعة وتجارية ويربك العالم ويحاصر الشعوب والدول فى شرنقة الخوف والتحدى، وعندما أقيدت الشعلة تحت سفح جبل أوليمب فى أثينا، كان ذلك أمام جمع قليل من الناس بسبب فيروس كورونا. وبمنتهى الأسف بدا أن رئيس اللجنة الأولمبية الدولية ينعى دورة طوكيو حين قال: «إن دورة الألعاب الأولمبية هى صورة قوية على وحدة البشر فى جميع أنحاء العالم».. وذلك على الرغم من ترديده أن الدورة قائمة ولم تلغ حتى الآن.
** فى إيطاليا يغنى الشعب فى سيينا وميلان فى السادسة مساء فى الشرفات وهو تحت الحصار، لرفع الروح المعنوية، ويبدو الغناء كأنه صلاة من أجل النجاة، وفى العاصمة الإسبانية مدريد يصفق الناس وهم محاصرون أيضا لفرق الصحة والأطباء الذين يؤدون رسالتهم الإنسانية بشجاعة. وسوف ينتصر الإنسان بإذن الله على الفيروس كما انتصر من قبل على غيره، ومن أسف أن البشرية تدفع الآن ثمنا باهظا فى تلك الحرب الشرسة كما دفعت من قبل فى حروبها على مدى آلاف السنين ضد أمراض وأوبئة ومخاطر وكوارث طبيعية.. ففى النهاية سوف ينتصر الخير على الشر مهما طال زمن الحرب والصراع مع هذا الفيروس الصغير الذى لا نعرف من أين جاء أو كيف جاء؟