د/أحمد شريت.. وداعا
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
الجمعة 15 مارس 2024 - 7:20 م
بتوقيت القاهرة
• ودعت جامعة أسيوط فارسا عظيما من فرسان إدارتها، كان يطلق عليه رجل المهام الصعبة، كان محبا للناس ويعشقه الفقراء، خدوما للناس جميعا، لا يرد سائلا سواء كان يعرفه أو لا يعرفه، لا يعرف المستحيل.
• هو أول من فكر فى عمل معسكر لاستقبال الطلاب وأولياء أمورهم فى أول الدراسة، وهو ما تميزت به جامعة أسيوط عن كل الجامعات، كان يقيم مكتبا فى محطة السكة الحديد، يجمع فيه الطلاب وأولياء أمورهم ثم يرسلهم عبر أتوبيسات الجامعة إلى معسكر الاستقبال داخل الجامعة.
• هذا المعسكر كان مبهجا ورائعا، يقيم الطالب وولى أمره حتى تنتهى إجراءات تسكينه فى المدينة أو غيرها، كان يقيم فى المعسكر مهرجانا كبيرا، بعضه رياضى وآخر فنى وثالث ثقافى يقيمه الطلاب القدامى، تعقبه مسيرة رائعة داخل الجامعة يتقدمها رئيس الجامعة ونائبه ومعهم د/شريت.
• كان الطلاب الجدد ينبهرون بهذا المعسكر، كان يحضر لهم وجبات من الجامعة ويجمع لهم تبرعات كثيرة لتقديم المشروبات وقضاء مصالحهم، كان هذا المعسكر هو أحد إبداعات المرحوم د/أحمد شريت الذى كان مبدعا ورائعا طوال الوقت.
• ومن أهم إبداعاته فى جامعة أسيوط هو تحويله يوم اليتيم إلى أجمل أيام الجامعة حيث كان يحضر كل يتامى المحافظة من كل مؤسسات الرعاية الاجتماعية بداية من ديروط وحتى صدفا، ويقيم لهم مهرجانا رائعا، يجهز لهم كل ألعاب الإستاد، مع شاشة عرض كبيرة، مع مسرح عرائس، ويترك لهم يومها حمام السباحة والقرية الأولمبية، ويحضر لهم طلبة كلية الفنون الجميلة المتطوعين والمحبين للخير ليرسموا وجوه الأيتام برسوم جميلة وكان يجهز لهم وجبتى إفطار وغذاء من مطعم الجامعة، ويعطى كل يتيم شنطة كبيرة فيها كوتشى، شرابات، ملابس داخلية، قميص وبنطلون للمدرسة أو الحضانة مع شنطة حلويات.
• كل ذلك كان يقوم عليه بنفسه،كان يذهب إلى الأثرياء من أصدقائه والمحلات ليحضر منهم كل هذه الأشياء دون أن تدفع ميزانية الجامعة مليما واحدا، كان ذلك كله بجهده الخاص.
• كان محل ثقة الجميع، كان يعشق الفقراء والأيتام، هو المبدع فى قضاء حاجاتهم، دون أن يطلبوا، وهو مبدع معرض ملابس الطالبات الفقيرات واليتيمات أسماه السوق الخيرية للطالبات، كان يذهب لشراء أفخم موديلات الملابس، وتختار كل كلية عددا من طالباتها الفقيرات واليتيمات، كل طالبة تشترى 3 قطع فقط كل قطعة بثلاثة جنيهات حتى لا تشعر بالحرج، كان ثمن القطعة وقتها 400 جنيه، كان هذا يوم عيد لهؤلاء الطالبات، ويوم سعادة للمرحوم د/ شريت، كان يكرره كل عام.
• جامعة أسيوط أبدعت فى شأن الرعاية الاجتماعية بفضل جهود هذا الرجل.
• أما شنط رمضان فى الجامعة فهى من إبداعاته، كان يشعر بموظف الجامعة الفقير وخاصة الذين يعملون بعقد أو فى النظافة أو الحراسات، كان يحب مجالستهم وحل مشاكلهم، شنط رمضان التى يقوم بنفسه بجمع تبرعاتها وتجهيزها تصل إلى هذه الشريحة المعدمة بانتظام.
• د/ شريت له أفضال كثيرة على البنات اليتيمات فى زواجهن، فقد جهز الكثيرات منهن للزواج، يحضر لهذه المطبخ، هذه مرتبة، هذه ثلاجة، كان يذهب لأصدقائه الأثرياء، قائلا لهذا: عليك ثلاجة، والآخر عليك غسالة وهكذا.
• كان أسطورة للعطاء، كلماته «حاضر»، «نعم» تحت أمرك، خدامك هى متلازمات فى حياة د/شريت، لا يستصعب أى خدمة ولا تهزه أى مشكلة، لا يرفض طلبا لأحد مهما كان عسيرا، لا يقول «لا» أبدا، فلم يكن يعرف هذه الكلمة.
• ظلمه البعض فى مسيرته الوظيفية، ورغم ذلك أكرم وفادتهم وخدمهم بعد خروجهم للمعاش، كان يصنع هذا الأمر دون أن يعرف سنده الشرعى يصنعه بفطرته فلما ذكره صديقه الأثير أ/حسام عباس بحديث رسول الله: «أن أعطى من حرمنى وأصل من قطعنى» قال: ياه ما أجمل هذا الحديث، كنت أبحث عن هذا المعنى كثيرا.
• كان مؤمنا بفطرته، دون تكلف، قد تراه يأكل مع عامل أو موظف بسيط فى الجامعة وهو مدير لرعاية الشباب وحاصل على الدكتوراه فى التربية الرياضية.
• كان يحذر أى موظف جامعى جديد من أمرين «المعصية مع البنات أو المعصية فى الفلوس» ويقول له لو وقعت فى أحدهما سيقال عنك طول العمر «بتاع بنات أو حرامى» ولن تزول عنك هذه الصفات.
• الجامعة اختبار كبير للفضيلة، كان الجميع يعتبرونه أبا لهم، نظيف اليد، طاهر النظر، من أسرة معروفة بالدين والشهامة، دعانى لحضور رسالة الدكتوراه، كان عالما ومبهرا وحصل عليها بامتياز من جامعة الإسكندرية وليس من أسيوط التى يعرف كل أساتذتها.
• سلام على د/ أحمد شريت فى الصالحين والمحسنين، وخالص العزاء لأسرته جميعا، رحمه الله رحمة واسعة فقد مات شهيدا مبطونا وهو فى الخمسينيات من عمره.