مرشحو الرئاسة وإعانات البطالة
صفوت قابل
آخر تحديث:
الثلاثاء 15 مايو 2012 - 8:35 ص
بتوقيت القاهرة
فى ظل تسارع الوقت نحو الانتخابات الرئاسية يحاول كل مرشح أن يعطى الناخب وعودا تجعله يميل إلى انتخابه، ووجدنا شيئا من ذلك فى مناظرة عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح وما أقصده وأتوقف عنده بالرأى تصريح د. أبوالفتوح انه سيعمل على توفير إعانات للمرأة المعيلة والعاطلين عن العمل، وهو ما يحتاج لوقفة لأنه فى حالة نجاحه سيكون ملزما بتنفيذ هذا الاقتراح ولن يستطيع النكوص عنه وإلا خسر الكثير وهو يحاول أن ينشئ قوى تؤيده مقابل القوى التى قد تخسر الانتخابات، وبالتالى ستتربص به.
فى ظل البطالة التى تزداد وإذا كانت إعانة البطالة نصف الحد الأدنى كما يقول أبوالفتوح فسيحتاج إلى 18 مليار جنيه سنويا بمعدل 300 جنيه شهريا لخمسة ملايين عاطل، فمن أين سيأتى بهذه المليارات فى ظل عجز متزايد فى الميزانية، وهل إذا استطاع توفيرها هل من الرشادة الاقتصادية أن ينفقها على إعانات للبطالة أم ينشئ بها مشروعات إنتاجية.
●●●
ولما كان هذا الاقتراح يزداد الحديث عنه بعد الثورة وللمصاعب الاقتصادية التى أصبحنا نعانى منها لذلك من الضرورى عرض وجهة نظر معارضة لهذا المقترح، حتى لا تأخذنا الحماسة للمطالبة بالتنفيذ فى هذه الظروف التى تتصف بعدم وجود مؤسسات قادرة على الدراسة الكاملة للمقترحات التى تنفجر فى جموع تتلهف على التغيير السريع، وأسوق معارضتى لهذا المقترح للأسباب التالية:
1ــ القول بأن هذا الاقتراح ليس بدعة فهو مطبق فى أكثر الاقتصاديات الرأسمالية،فالرد الذى قد يكون معتادا وهل واقعنا وهيكل اقتصادنا مثلهم؟ فهناك فى واقعنا ما يجعل تطبيق هذا الاقتراح يؤدى إلى العديد من المشكلات، فأول ما نختلف فيه عن هذه الاقتصادات هو نظرة الفرد إلى العمل فهناك الفرد يسعى بكل السبل إلى البحث عن عمل بينما هنا تفشت فينا ظاهرة الفهلوة فى الحصول على عائد دون عمل، ولدينا الكثير من الشواهد التى توضح الخلل فى سلوكيات العمل، حيث هناك من يغالى فى طلبه لمقابل عمل معين ثم يبقى عدة أيام بلا عمل يصرف مما أخذ ويرفض أن يحصل على مقابل أقل مع استمراره فى العمل، وهناك من يفضل الجلوس على المقاهى ويرسل زوجته للعمل وهو ما أدى إلى زيادة أعداد المرأة المعيلة فى المجتمع، لذلك فإن بدل البطالة هذا سيؤدى إلى شيوع ظاهرة التكاسل عن العمل فى ظل اعتياد الكثيرين من الطبقة الفقيرة على أدنى الاحتياجات واعتياد إظهار المسكنة لطلب الإعانات.
2ــ من الظواهر التى نشرها النظام السابق ظاهرة العمالة المؤقتة والتى كانت بابا للتحايل على وقف التعيينات وكانت كلها مجاملات ورشاوى انتخابية وأيضا دون عمل حقيقى، وهناك العديد من الأمثلة على ذلك فى تعيينات المراكز المختلفة فى وزارة الزراعة وإنشاء مراكز المعلومات فى القرى وهى كلها بلا عمل جاد وبمقابل قليل ولكن المهم هو التعيين ثم بعد ذلك المطالبة بزيادة المرتب لأنه لا يكفى، وهكذا لدينا واقع كله تشوهات، حيث وظائف وهمية بلا عمل حقيقى وبراتب منخفض والكل يطالب بالتثبيت وزيادة المرتبات، فماذا ستفعلون مع هؤلاء عندما يجدون العاطل يحصل على إعانة أكبر مما يحصلون عليه، قد يكون الجواب هو مقترح زيادة المرتبات إلى 1000 جنيه ولكن كيف تكون هذه الزيادة دون عائد من العمل، وبالتالى نرسخ ظاهرة عدم الاهتمام بالعمل.
3ــ هناك الفوضى فى هيكل الأجور ومن مظاهر هذه الفوضى تعدد البدلات وها هو هذا الاقتراح يضيف للبدلات بدلا جديدا هو بدل البطالة الذى لن نستطيع التوقف عن دفعه لاستمرار مشكلة عدم التناسب بين الأجور والأسعار، وسيدعم هذا الاقتراح ظاهرة عدم ربط الأجر بالإنتاج، حيث أصبح سائدا ربط الأجر بالاحتياجات المعيشية وهو ما يظهر فى المظاهرات التى يصرخ فيها المواطن شاكيا من أن أجره أقل من عدة مئات من الجنيهات فمن أين يأكل الأولاد، وهكذا سنزيد من فوضى الأجور وإنهاء العلاقة بين الأجر والإنتاج فهل هذا فى صالح الاقتصاد.
4ــ القول بأن إعانة البطالة ستنعكس فى شراء سلع من الأسواق هو قول صحيح ولكن السؤال الأهم؛ هل لدينا فى الأسواق وفرة من السلع الأساسية لتقابل زيادة الطلب، فهناك عجز واضح فى هذه السلع مما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها ولأننا لا ننتج أغلبها فسيزداد الاستيراد ولأن لدينا نقصا فى العملات الأجنبية فسيؤدى ذلك إلى ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، وبالتالى ترتفع أسعار السلع الأساسية وتستمر الحلقة حيث لا تكفى إعانة البطالة ولا المرتبات فيزداد هياج العاملين والعاطلين للمطالبة بزيادة المرتبات والإعانات، فهل هذا ما تريدونه؟.
5ــ لماذا المطالبة ببدل للبطالة والمجتمع يعانى من نقص فى الخدمات وفى الإنتاج، وما ينقصنا هو الجهة التى تقوم بدراسة وإنشاء المشروعات ليعمل بها هذا الشباب العاطل، وهو ما يسمى فى الاقتصاد بالمنظم ولقد كان من المفترض أن يكون هذا هو دور القطاع الخاص والصندوق الاجتماعى ولكن لأن النظام السابق وضع فى كل مواقع القيادة من يساعد فى مشروع التوريث فلم يقم هذا الجهاز بدوره وعلينا أن نطالب بتصحيح هذه الأوضاع ووضع من لديه القدرة على إطلاق المشروعات وتشغيل الشباب فى هذا الموقع لنجد فى النهاية شبابا يعمل وليس عاطلا يستجدى الإعانة .