معارك الرئيس القادم
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 15 مايو 2012 - 8:30 ص
بتوقيت القاهرة
تتزامن عملية انتخاب رئيس الجمهورية الجديد ــ رغم ضراوتها ــ مع انحسار ملحوظ فى الروح الثورية فى الشارع المصرى، وانهيار التحالفات التى ربطت بين مختلف القوى الثورية خلال الأيام الأولى للثورة، ووصولها لدرجة العداء الشديد، بل والضرب تحت الحزام بين مرشحيهم للرئاسة. كما تتزامن هذه الانتخابات مع هيمنة الأفكار الإصلاحية التى بات واضحا أنها اكتفت فقط بإسقاط مبارك، دون أن تسعى بجدية لإسقاط نظامه، والدليل على ذلك أن أكثر من مرشح ينتمون لهذا النظام يخوضون انتخابات الرئاسة، بل وترشحهم استطلاعات الرأى للفوز بهذا المنصب الرفيع!
وقد تكون أخطاء وخطايا بل كوارث المرحلة الانتقالية التى أدارها المجلس العسكرى، هى السبب فى وصولنا إلى هذا الوضع البائس الذى أدى إلى تفريغ ثورة 25 يناير من مضمونها، والذى صاحبه انقسام حاد بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية على هوية الدولة القادمة، وعلى اختياراتها الاقتصادية وانحيازاتها الاجتماعية، وعلى طبيعة وحدود الدور الذى تلعبه المؤسسة العسكرية فى المرحلة المقبلة.
فى مثل هذه الأوضاع المرتبكة، لن تكون أمام الرئيس القادم القدرة على حل هذه الأزمات، إلا بحصوله على توافق شعبى ضخم يؤهله للقيام بدوره واتخاذ قرارات صعبة قد لا ترضى الكثيرين!
ولعل ما ذكره منذ يومين القيادى الإخوانى محمد البلتاجى، بأن الجماعة ستحشد أنصارها فى الشارع، إذا ما فاز المرشح احمد شفيق بالرئاسة، يؤكد أننا مقبلون على أيام صعبة، فإذا ما فاز شفيق فعلا بالرئاسة، فإن نواب الإخوان فى مجلس الشعب قد يلجأون إلى إجراءات تصعيدية ضده بتعليق جلسات البرلمان مثلا بل والمطالبة بإسقاطه، خاصة إذا ما صدر حكم مخفف ــ يتوقعه الكثيرون ضد الرئيس السابق حسنى مبارك، وقد يؤيد الإخوان فى هذه الإجراءات الكثير من القوى الأخرى بما ينذر بفوضى سياسية عارمة. وإذا ما فاز أبوالفتوح مثلا، وأصر على تنفيذ وعوده بتقنين وضع جماعة الإخوان وإشراف الدولة على مواردها المالية، ستنشب بينهما معركة أخرى لن تقل ضراوة عن معركتهم مع شفيق. وهو نفس السيناريو الذى من الممكن أن يتكرر بصورة أو بأخرى إذا ما فاز عمرو موسى، الذى يخوض صراعا لم يعد مكتوما مع الجماعة.
والخطير فى كل هذه السيناريوهات، أننا ننتخب الرئيس القادم دون أن نعرف بالضبط سلطاته الدستورية وصلاحياته السياسية، وهل سيتقاسم السلطة مع البرلمان أم لا، فى نفس الوقت الذى يمكن أن يصدر حكم من المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات البرلمان، قد يقلب الأوضاع رأسا على عقب.
نحن الآن أمام خيارين.. إما أن «نتوافق» على الرئيس القادم، وهو خيار تقل فرصه بمرور الوقت، وإما أن ننتظر موعدا مع ثورة أخرى، إن لم تحقق أهدافها ستكون الفوضى هى قدرنا المشئوم!