إنجلترا بدون فرسان المائدة المستديرة!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الإثنين 15 يوليه 2024 - 7:10 م
بتوقيت القاهرة
ساوث جيت ليس قيصر الكرة الإنجليزية.. والقيصر كما يقول الدكتور عبدالمنعم سعيد فى مقاله بالأهرام «هو مفهوم غربى وأمريكى تحديدًا ويوصف به القائد الذى يعرف كيف يضع رؤية واستراتيجية موضع التطبيق. وهو يعرف كيف يطبقها بالعمل الشاق والصبر والمعرفة والحزم».. وأضيف أنا الابتكار. وفى كل مبارياته ببطولة أوروبا لم يكن ساوث جيت هو هذا القيصر، ولم يكن الفريق هم جنود القيصر، وحين تضع رؤية متواضعة، تقوم على فكرة الاحتواء، وأنك مع فريقك أقل من خصمك الذى تواجه فى الميدان، سوف تظل مجرد مدرب أو مدرس تربية رياضية فى مدرسة، وهى مهنة لها تقديرها.. لكن هذا المدرس ليس موقعه بطولة أوروبا!
** القياصرة فى كرة القدم بهذا المفهوم هم ميتشلز، وساكى، وجوارديولا، ويورجين كلوب، وأنشيلوتى، ودى لافوينتى أيضًا. هم محاربو الخصم بالجرأة والشجاعة والمبادرة وبأسلحة المهارة. لقد فازت إسبانيا باللقب الرابع، وأكدت تفوقها كمنتخب وكأندية فى المسابقات الرئيسة التى خاضتها خلال ربع قرن مضى. تفوقت فى كاس العالم، وبطولة أوروبا ودورى أبطال أوروبا ووالدورى الأوروبى. جمعت الألقاب وحققت الانتصارات فى جميع النهائيات التى لعبتها (27 مباراة نهائية) والمباراة النهائية التى خسرها فريق إسبانى كانت أمام فريق إسبانى آخر!
** مباريات إنجلترا فى البطولة انتهت بمرورها من عنق الزجاجة، (حتى الإنجليز عندهم عنق زجاجة) وها هى: إنجلترا × صربيا 1/صفر
إنجلترا × الدنمارك 1/1. إنجلترا × سلوفبينيا صفر/صفر. إنجلترا × سلوفاكيا 2/1. إنجلترا × سويسرا 5/3 ركلات ترجيح. إنجلترا × هولندا 2/1. إسبانيا × إنجلترا 2/1. النتائج التى حققها منتخب إنجلترا ليست هى عنق الزاجة فقد تأهل الفريق للنهائى. إلا أن الأداء الذى قدمه الإنجليز فى تلك المباريات لا يؤهلهم للقب ولم يؤهلهم للقب بالفعل فى النهاية. المواجهات كلها قائمة على رد الفعل والحذر والاحتواء باستثناء دقائق فى مباريات تسلح فيها الإنجليز بفرسان المائدة المستديرة وقائدهم الملك أرثر، وهى قصة أسطورية من العصور الوسطى، وكان فرسان المائدة وقائدهم هدفهم حماية المملكة وأمنها.
** لم يكن ساوث جيت هو أرثر، ولم يكن لاعبيه هم فرسان المائدة المستديرة. فالفرسان حين يحاربون يبادرون ولا يتراجعون، ولا يراهنون على ضربة سيف تشبه رمية الزهر. وصحيح أن منتخب إنجلترا بعد مشواره البطىء فى مبارياته السبع كاد يتعادل مع المنتخب الإسبانى فى الدقيقة 90، من ضربة ركنية حولها رايس برأسه فتصدى لها سيمون، ليردها إيفان تونى رأسية أيضًا فتصدى لها أولمو من على خط المرمى. وكانت فرصة قاتلة، لكنها رمية زهر فى لعبة شطرنج!
** بالنسبة لجاريث ساوثجيت، قد تكون مباراته رقم 102 مع منتخب إنجلترا هى الأخيرة، فإن الواقع هو أن الإسبان حققوا الفوز السابع والعشرين على التوالى، بقيادة جناحيها الطائران جمال وويليامز، وخلفهما رودرى أحسن لاعب فى البطولة وأحسن لاعب وسط فى آخر عامين. هكذا تابعت إسبانيا نجاحاتها فى 1964 و2008 و2012 بهذا الانتصار الراقى، وفى صفوفها لاعب بعمر 17 عامًا ويوم واحد (دليل نجاح نظام كرة قدم قبل أن يكون نجاحًا للاعب، لامين يامال أصغر لاعب يشارك فى نهائى دولى للرجال، محطمًا الرقم القياسى الذى سجله بيليه فى نهائى كأس العالم 1958، كما أكد ويليامز، البالغ من العمر 22 عامًا، موهبته من خلال تعذيب كايل ووكر!
** يمكن أن يتوكأ الفرنسى على كتف حسناء، ويمكن أن يتوكأ السويدى على عصا جولف، لكن دون شك ما زال منتخب إنجلترا يتوكأ على تاريخ قديم فيه الكثير من المجد.. لكنه بلا حاضر!