الحبل المعلق على رقبة الابتكار
صحافة عربية
آخر تحديث:
الإثنين 15 يوليه 2024 - 7:15 م
بتوقيت القاهرة
ما إن تبدأ شمس الصباح بتفكيك ما تستطيع من السحب الكثيفة المعلقة فوق بروكسل، تلتف مجموعة من المسئولين بالأوجه المتجهمة فى غرفة اجتماعات أنيقة ذات جدران زجاجية فى قلب مقر المفوضية الأوروبية. يجتمع الفريق لإكمال ما بدأوه منذ أشهر، لتشريح واحدة من أهم القضايا وأكثرها إثارة للجدل فى العصر الرقمى: تعميق علاقات مايكروسوفت مع شركة الذكاء الاصطناعى المفتوح. المخاطر عالية، والجو متوتر.
فى خبر نشرته وسائل الإعلام: أعلنت مايكروسوفت الثلاثاء الماضى، أنها تنازلت عن مقعدها فى مجلس إدارة الذكاء الاصطناعى المفتوح. مايكروسوفت التى تملك الحصة الأكبر من شركة الذكاء الاصطناعى المفتوح، ما زالت ملتزمة باستثمار 13 مليار دولار فى الشركة، حيث يمثل تنازلها عن مقعدها فى المجلس استجابة لضغوط المشرعين التى تطالب بشفافية أكبر حول العلاقة بين الشركتين. يعلق أحد المشرعين على الخبر: خطوة فى الاتجاه الصحيح، لكن ما زال الطريق طويلا.
على الطاولة، توجد كومة متناثرة من الوثائق التى تحمل شعارات مايكروسوفت وجوجل وميتا وعمالقة التقنية الآخرين، كل واحدة منها قطعة فى لغز معقد، صمم المشرعون على حله. يبدأ المسئولون فى غربلة هذه الأوراق، وتعبيراتهم القلقة الممزوجة بالتصميم تدل أن التحدى صعب. إنه الفريق الذى يمد وصايته على المنافسة العادلة فى أوروبا، واليوم، ينصب تركيزهم على استثمارات الذكاء الاصطناعى.
عبر المحيط الأطلسى، تجرى مناقشات مماثلة. فى العاصمة واشنطن، يحقق المنظمون فى الشبكة المعقدة للعلاقات بين عمالقة التقنية والشركات الناشئة فى مجال الذكاء الاصطناعى أيضا. تشير الأسئلة المطروحة إلى أن التدقيق لا تهاون فيه. كيف تشكل هذه الاستثمارات مستقبل الذكاء الاصطناعي، وهل تخرج الشركات الصغيرة من السوق؟ بالنسبة إلى المحققين، ملامح إساءة استخدام القوة السوقية تلوح فى الأفق.
فى ريدموند، واشنطن، يدرك المديرون التنفيذيون لشركة مايكروسوفت حجم المشكلة. فى قاعة مجالس إدارة واسعة تطل على حرم الشركة المترامى الأطراف، يناقشون استراتيجيتهم. يقول راج، كبير المسئولين القانونيين، مخاطبا فريقه: يجب أن نكون شفافين، نحن بحاجة إلى إظهار أن شراكتنا مع الذكاء الاصطناعى المفتوح تتعلق بتعزيز الابتكار، وليس خنق المنافسة.
ليس هذا التدقيق التنظيمى جديدا. تاريخيا، واجه عمالقة التقنية اختبارات مماثلة لممارسات السوق وعمليات الاستحواذ. فقد تحاشت مايكروسوفت مواجهة المنظمين سابقا عندما قدمت تنازلات مكنتها من إغلاق أحد أكبر الاستحواذات بقيمة 69 مليار دولار لشركة ألعاب الفيديو (بليزيرد) حيث وافقت على توفير اللعبة على منصات الشركات المنافسة.
يسلط التركيز التنظيمى الضوء على علاقات مايكروسوفت بالذكاء الاصطناعى المفتوح فى منعطف حرج فى تطور الذكاء الاصطناعى وحوكمته. بينما يتعمق المنظمون فى الآثار المترتبة على هذه الشراكات، من الضرورى تحقيق توازن يعزز الابتكار مع حماية المنافسة. لا ينبغى أن يرسم القلة مستقبل الذكاء الاصطناعى إنما يجب أن يشكله سوق متنوع فى بيئة تنافسية تفيد الجميع.
زياد بن عبدالعزيز آل الشيخ
جريدة الرياض السعودية