«إنقاذ» لبنان من اللبنانيين.. مهمة «الأعداء»!
مواقع عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 15 سبتمبر 2021 - 8:15 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع 180 مقالا للكاتب نصرى الصايغ.. نعرض منه ما يلى..
الخلاصة أولا: تعبنا. فشلنا. يئسنا. خسرنا.. لبنان ليس لنا. ولن يكون أبدا. كان الظن أن لبنان ملك ملوك الطوائف الحقيرين. تبين لنا، بعد تأليف الحكومة الحالية، أن لبنان موطئ أقدام دول وممالك وإمارات وحكومات من كل القارات، وأن ملوك الطوائف عندنا مطيعون لأسيادهم. يسيرون حذو الجبهة بالنعل.
مسكين «المواطن» اللبنانى. ظن أن شعار «لا شرق.. لا غرب»، هو شعار جدى وتنفيذه سهل جدا. يكفى أن نكتبه حبرا على ورق حتى يصير واقعا على أرض السياسة.. صدقا، ولا مرة كان لبنان إلا مقاما، لا ممرا. لكل الدول الراغبة باستثمار قوتها فى المنطقة.. أنه ليس ممرا، بل هو مستقر، ومستعد لاستقبال المزيد. فى لبنان اليوم، وهو المثقل بانهياراته، عدد من الدول البعيدة والقريبة، ولا نحتاج إلى برهان. يكفى أن نسمع نشرات الأخبار، وخطب «الخطباء» وتحليلات المرتهنين، حتى ندرك، أن الولايات المتحدة الأمريكية هى هنا، وكلمتها آمرة ومسموعة، وجماعتها: سمعا وطاعة. فرنسا الحنون هنا. حائرة بين الرئاسات الثلاث. حضور رخو، ولكنه موجود دائما. وهذه المرة قامت بتهديد من لا يمتثل لنصائحها. ولكنها لم تنفذ. السعودية متواجدة بأكثر من حالة. راقبوا الإعلام المسموع. إيران هنا. ولا حاجة إلى دليل. وكيلها العسكرى والسياسى والدينى، يكاد يكون الأقوى، من كل الأقوياء فى الداخل والخارج، أمريكا كلها ضده و«يا جبل ما يهزك ريح»، إيران هناك وهنالك وها هنا عندنا. تركيا ليست بعيدة عنا. طموحها، عندنا أقوى من أقدامها. الساحة مفتوحة ومرحبة شمالا وجنوبا. إنها قادمة وستقيم عندنا. سوريا عائدة، الغاز أولا والسياسة ثانيا، وحلفاء سوريا أقوياء، بحاجة إلى طريق آمن، كى لا ينفرط العقد الحكومى الهلامى.. من بعد؟ اجرؤ على القول، أن لإسرائيل مواقع سياسية علنية. عندما تقارن بين الحلفاء والأعداء، لا تصفها فى مصاف الأعداء.. عداؤها للمقاومة أكبر بكثير من أى عداء، إذا وجد.. إسرائيل إذا موجودة عندنا، عبر قوى محكومة طائفيا وحاكمة سياسيا، برضى الأفرقاء المتحاربين جميعا، أكانوا نوابا أو وزراء أو.. هلم جرا.
اتفق الأعداء على «إنقاذ لبنان» من اللبنانيين. أعادوا الأمور إلى حظائرها. الحكومة «الجديدة»، نسخة مهلهلة عن حكومات محكومة بمن فوقها، ولا تحكم إلا بعد اتصال هاتفى آمر. السرايا، فى لبنان، ليست مقر الحكومة أبدا. قرارتها يلزمها بصمة برى ونصرالله والحريرى وجنبلاط وعون، ممثلا لباسيل، إلى آخره.. إنما هذه المرة الأمرة العليا، هى فى السفارات، بحيث يمكن أن يقال إن هذه الحكومة هى «حكومة السفراء».
لا بأس سياسيا، المهم أن التنافس الصراعى بين التيارين المتعاديين إقليميا ودوليا، سيكون فى «التهافت» على مساعدة لبنان. هل هذا وهم أم حلم؟ اللبنانيون، حتى الآن وغدا، ذاقوا مرارة الفقر والذل والحرمان والمرض والبطالة والبؤس والمجهول.. عدد اللبنانيين الذين يكرهون لبنان الراهن، لا تعداد له. صدور الناس مليئة حقدا على «الصفوة الطائفية» التى تحكمت ونهبت لبنان، ونهبت مدخرات الغلابى وجنى العمر.. الأقسى، أن «الصفوة الطائفية» الفتنة، ألغت المستقبل. ليس أمام اللبنانى خشبة خلاصة ركيكة. لا مستقبل قريبا ولا صبر على انتظار البعيد أو المستحيل.
السؤال المتفائل الوحيد: هل ستقدر هذه الحكومة المحكومة، أن توقف الانهيار وكيف؟ هل ستستجيب لألفباء الدواء والغذاء والكهرباء والتعليم وجنون الأسعار؟ الظن الغالب، أن التعويل سيكون على الوعود، وليس على التنفيذ. لقد تحول لبنان إلى سوق سوداء، واللبنانيون متوسلون ومتسولون للحاجات الأساسية.. أى بؤس أيها البؤساء؟
لنتفاءل قليلا. سيتنافس المحوران فى تقديم الدعم للبنان. إيران كانت سباقة، من سيكون الثانى؟ أمريكا لن تمد يدها إلى جيبها، ستجول على الصناديق والمؤسسات والإمارات، كى تكتمل الضغوط على المحور الإيرانى.. حسنا. فليكن التنافس بالدعم وليس بالعدم. فلننتظر غدا وقريبا، لأن الإنقاذ يبدأ من عنوان المساعدات. لا مساعدات، يعنى لا حلول. يعنى: عذرا أيها البؤساء.
الغائبون عن المشهد، سلالات «الثوار» الذين دشّنوا فى 17 أكتوبر عهدا جديدا. لم تكتمل حلقاته. تسأل عنهم. أين هم؟ أما زالوا يعدون الأوراق كى يتفقوا على بديهيات؟ هل هم مصرون على أن تكون وحدتهم من المستحيلات؟ أين هم؟ هل صحيح أنهم يراهنون على التغيير بواسطة الانتخابات؟
عفوا. قليلا من التعقل. الانتخابات فى غياب «قوى التغيير» التى أصبحت ظلالا متنائية. لن تنتج إلا هذه السلالات بالذات. قد تتغير الأسماء، ولن تتغير أبدا القاعدة الطائفية. كيف يراهن على انتخابات طائفية، بقانون طائفى، و«مواطن» طائفى. هل من يراهن على نتائج مبرمة منذ الآن: الثنائى الشيعى مطمئن جدا. الأحادية الدرزية تخترق بدرزى بصعوبة كبيرة. الرباعى السنى سيتوزع النواب، الموارنة سيخوضون حربا بنتائج لا يمكن التكهن بنهاياتها، ولكن المؤكد أن «العونية» ستمثل وكذلك «القوات». يضاف إلى ذلك فتات الموائد التى ستسرع للالتحاق بأسرابها ونعاجها.
على ماذا تراهنون؟
مؤسف جدا أن يكون الأفق مسدودا.
نعوم تشومسكى يقول إن فى العالم ثلاث دكتاتوريات. النازية والشيوعية وانعدام الأفق..
اللبنانى هو هذا البائس الذى لا يرى أى أفق فى الاتجاهات كلها. لذا، لبنان الماضى انتهى. وكل ما يعوَّل عليه أن يعيد من دمر وخرب ونهب لبنان، بناء الكيان.
بود كثير من اللبنانيين أن يقولوا وداعا لبنان. ومن لا يجرؤ على ذلك، يقول: الله يستر من القادم. اللعنة عليكم. حرام عليكم السلام. وأفضل دعاء، هو: (ضع اللعنة المناسبة على حسابك).
النص الأصلى هنا