الرد على الشائعات
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 15 سبتمبر 2022 - 6:50 م
بتوقيت القاهرة
الشائعات فى أى مجتمع هى ظاهرة غرضها نشر الأكاذيب. وتبدأ الشائعة بصدورها من مصدر لا يتسم بحسن النية، يرغب فى إثارة البلبلة بين الناس، وإظهار مناخ من عدم الثقة بين الحاكم والمحكوم، سواء بشكل مباشر، بدق الأسفين والوقيعة المباشرة بينهما، أو بشكل غير مباشر من خلال بث التفرقة بين المواطنين والجماعات الكائنة فى المجتمع، بغرض هز الثقة فى نظام سياسى معين بغية إسقاطه.
والشائعة تنتشر بسرعة كالنار فى الهشيم، فهى تبدأ من المصدر سيئ النية، وتجوب البلاد طولها وعرضها معتمدة على حسن نية المواطنين، وخوفهم من المستقبل أو الحاضر، ومن ثم رغبتهم فى تحذير أنفسهم من مخاطر معينة.
والشائعة عادة ما تستغل المناخ العولمى القائم على استخدام الأدوات الذكية فى الانتشار، ومن أهم أدواتها فى الوقت الراهن مواقع التواصل الاجتماعى، التى تجوب البلاد فى دقائق، وربما تنتشر خارجه، أو تأتى من خارجه فى حالة الشائعات دولية أو إقليمية النشاط.
من هنا فإن الشائعات فى الوقت الراهن ليست كمثيلتها فى السابق بطيئة، حيث كانت الشائعة فى الماضى محدودة التأثير بسبب ضعف وسيلة الانتشار. بعبارة أخرى فإن الشائعة اليوم تتسم بالسرعة الشديدة، وتتجه إلى إحداث تأثير تتناسب سرعته طرديا مع أمرين، أولهما سرعة الوسيلة الوسيطة القائمة على النقل، وثانيهما سرعة تعقبها بغرض نفيها وأحيانا سرعة معاقبة مروجها.
وتعمل الشائعات بشكل جيد فى النظم التى تنتشر فيها المعارضة من خارجها، بمعنى أنها تتجه بشكل أكبر فى البلدان التى لا تحتوى المعارضة السلمية فى الداخل، فتلجأ تلك القوى إلى بث عدم الثقة، واللعب على وتر معنويات الناس وعواطفهم، وتتجه إلى جبهات تعلم أنها خسرت فى اللعب فيها بشكل مباشر. ومن ذلك الشائعات التى تبثها إلى اليوم المعارضة الكائنة فى الخارج فى عديد من النظم السياسية منها النظام الإيرانى.
إضافة إلى ذلك، تبث الشائعات من أعداء الخارج من قبل أطراف إقليمية ودولية باحتراف وتقنيات عالية، ومن ذلك ما يحدث فى الوقت الراهن من شائعات يبثها الغرب عامة وأوكرانيا خاصة للتأثير على الروح المعنوية للمقاتلين الروس. وما ساد فى الماضى والحاضر من شائعات صهيونية بغرض عبر الدق على الخلافات الأثنية والعرقية فى البلدان العربية، خاصة فى دول الطوق العربى. وبالطبع من الممكن كثيرا أن تكون الشائعة تجمع بين الصنفين، أى تبثها المعارضة فى الخارج، وهى ممولة من الخارج أيضا.
وفى مصر، دأبت جماعة الإخوان المسلمين، منذ يونيو 2013 على بث الفرقة بين الناس، إمعانا فى خلق مناخ من عدم الثقة فى النظام الجديد الذى هيمن على الحياة السياسية. والمؤكد أن تلك الممارسات كانت كبيرة فى الماضى، واليوم هى أقل بكثير من أن تقارن فى السنوات المنصرمة. لكنها ما زالت موجودة وقائمة. فتلك شائعات عن الأسعار، وعن مناصب وحقائب وزارية، وعن وقائع فساد يتم التعتيم عليها، وعن وزيرة خرجت من الوزارة وظل منصبها شاغرا لشهور دون اتهام، وأخرى عن مخزون مصر من الحبوب، وكذلك شائعات عن تسعير الحاصلات الزراعية، وعن الحوار الوطنى بين القوى السياسية.. إلخ.
منذ يومين أعلن بناء على تعليمات رئيس الدولة عن تكليف الأجهزة الإعلامية عبر قنوات إكسترا نيوز بالرد على الشائعات، وذلك لدحض ما هو متداول من سموم إعلامية من قبل هذه القوى أو تلك. بالطبع تلك المهمة قد كانت تقوم بها القنوات التليفزيونية الرسمية بشكل أقل تنظيمًا. اليوم يبدو أن الأمر أصبح أكثر تنظيمًا، لكنه ليس هينًا.
فأولا، من الضرورى المتابعة الجيدة من الموكول لهم الرد على الشائعات، حتى لا يفوت هؤلاء أية شائعة دون رد عليها وتوضيح أبعادها. بعبارة أخرى، من شأن أية شائعة تفلت دون الرد عليها، أن تصبح كما لو كانت حقيقة.
ثانيا، من المهم تضافر الجهود لمعاونة الجهات الإعلامية الموكول لها الرد، بأن تتسم تلك الجهود بالشفافية فى معالجة كافة الأمور الإدارية، فلا تترك شاردة ولا واردة إلا وتوضح أبعادها وأطرافها وكيفية التعامل معها. هذا الأمر بالتأكيد يحتاج إلى أجهزة إعلامية قوية معاونة لكل الجهات التنفيذية بغرض توضيح الأمور قبل تضخيمها.
ثالثًا، تفعيل أداء الأجهزة الرقابية الإدارية والسياسية فى الدولة بحيث تقوم بتعقب المخالفين، والأمر بتنفيذ الأحكام القضائية، هنا نركز على دور الرقابة الإدارية والأمنية والبرلمان لوأد أية شائعة فى مهدها. ومعاقبة مروجى الشائعات، خاصة عبر الوسائل الذكية، حيث يظن مستخدموها بأنهم فى مأمن عن إثارة الفتن.