الطريق من القدس إلى طهران تمر برام الله


جلعاد شير

آخر تحديث: الإثنين 15 أكتوبر 2012 - 9:16 ص بتوقيت القاهرة

ثمة موضوع لن نسمع عنه كلمة واحدة فى المعركة الانتخابية الآخذة فى الاحتدام، وهو الموضوع الفلسطينى الذى لم يعد فى سلم أولوياتنا. بيد أن الحقيقة البسيطة تشير إلى أنه فى حال لم نرسّم الحدود بيننا وبين الفلسطينيين، فإن هذا يعنى نهاية الرؤية الصهيونية بشأن وطن قومى للشعب اليهودى فى دولته الديمقراطية.

 

من هنا ضرروة التوصل إلى حل سياسى للنزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى، باتفاق أو من طرف واحد، على أساس مبدأ الدولتين لشعبين، بغض النظر عن مدى شعبية هذا الموضوع فى الحملة الانتخابية.

 

إن خطابى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فى الأمم المتحدة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كانا موجهين قبل كل شىء إلى الداخل، ثم إلى المجتمع الدولى، وذلك لتبرير مشاعر اللامبالاة والإحباط وعدم الثقة. فبدلا من أن يتحاور نتنياهو وعباس بعضهما مع بعض تراشقا بالاتهامات. كذلك لم يحمل خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية رسالة واضحة إلى الجمهور الإسرائيلى تشرح أهمية حل الدولتين بالنسبة إلى مستقبل إسرائيل، وكل ما سمعناه هو كلام مكرر ومنمق عن الموضوع الإيرانى الذى يشغلنا منذ مدة.

 

وعلى الرغم من أهمية الموضوع النووى الإيرانى على جدول أعمال الانتخابات فى إسرائيل، فإن على جميع الأحزاب المتنافسة أن تدرك العلاقة القائمة بين كبح إيران وبين إحراز تقدم ما على صعيد المسار الفلسطينى. فمن شأن أى تقدم نحو حل النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى أن يعزز قوة الولايات المتحدة، وأن يسهل قيام جبهة دولية ضد إيران تشمل دولا من المنطقة. من هنا ضرورة تهدئة العلاقات بين القدس وواشنطن، كذلك يتعين على الحكومة الحالية، أو تلك التى ستحل محلها، السماح للرئيس الأمريكى بمواصلة جهوده فى التنسيق والتحضير فى أجواء عمل مؤيدة ورصينة وجدية، وبصورة خاصة هادئة.

 

إن المصلحة القومية الإسرائيلية تقتضى، بالإضافة إلى السعى نحو استئناف الحوار السياسى، أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بطرح مبادرة سياسية مستقلة.

 

ومما لا شك فيه أن فى إمكان هذه الحكومة الدفع قدما فى اتجاه واقع إقليمى يقوم على حل الدولتين لشعبين. كما يجب أن تقوم هذه السياسة على التنسيق الوثيق مع المجتمع الدولى، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية.

 

يتعين على إسرائيل الانفصال عن الفلسطينيين والاستعداد لإخلاء المستوطنات المعزولة بعد التوصل إلى اتفاق. وفى حال تعذّر الاتفاق، علينا أن نحسم هذا الموضوع من خلال استفتاء شعبى أو من خلال انتخابات عامة، وفى جميع الأحوال فإن أمن إسرائيل القومى منوط بهذ الخطوة.

 

والسؤال الذى يطرح نفسه هو التالي: لماذا لا تستأنف إسرائيل المفاوضات مع الفلسطينيين، على الأقل من أجل التوصل إلى ترتيبات جزئية وبالتدريج من دون شروط مسبقة؟ إن فى إمكان هذه الترتيبات أن تشمل موضوعات الحدود والأمن والاقتصاد، وبعد ذلك يمكن الاستمرار فى المفاوضات بشأن الموضوعين اللذين يشكلان جوهر النزاع، أى القدس واللاجئون.

 

فى المقابل، على إسرائيل أن تستعد مسبقا للقيام بخطوات أحادية الجانب تؤدى إلى الانفصال عن الفلسطينيين والعمل بالتدريج على إيجاد واقع الدولتين القوميتين. ومن بين هذه الخطوات: إعداد خطة وطنية لاستيعاب المستوطنين الذين سيعودون إلى دولة إسرائيل ضمن حدودها المعترف بها، سواء أجرى ذلك باتفاق أم من دونه؛ يجب تجميد البناء شرقى جدار الفصل وفى الأحياء العربية فى مدينة القدس؛ يجب سن قانون بشأن الإخلاء الطوعى والتعويض والاستيعاب للمستوطنين الذين يسكنون شرقى جدار الفصل، الأمر الذى سيسمح لمن يرغب من المستوطنين بالانتقال للعيش داخل حدود الخط الأخضر أو داخل الكتل الاستيطانية، من دون أن يكون لذلك علاقة بالتوصل إلى حل مع الفلسطينيين.

 

من هنا، على إسرائيل، فى ظل التطورات الحالية التى يمر بها العالم العربى، أن تبدى استعدادها للعودة إلى المفاوضات السياسية مع دول العالم العربية، ذلك بأن هذه السياسة هى الأكثر حكمة أيضا لمواجهة الخطر الإيرانى. فإذا ما واصلنا العيش من دون مبادرة سياسية من جانبنا، سنصل فى نهاية الأمر إمّا إلى حرب أهلية تؤدى إلى تفكك المجتمع الإسرائيلى، وإمّا إلى دولة يهودية ــ فلسطينية، وإمّا إلى دولة ابرتهايد.

 

يديعوت أحرونوت

 نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved