من يملك الإجابة؟

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الخميس 16 فبراير 2012 - 9:30 ص بتوقيت القاهرة

لا أستطيع أن أجزم لك بمستقبل مصر، ولا تستطيع أنت ولا يستطيع أى مواطن، لا أحد فينا يدعى أنه يضطلع على الغيب، أو يزعم مهما دقق فى التفاصيل واستنتج التحليلات أن لديه رؤية محددة للمستقبل كيف سيكون، هل سيتحقق الأمل فى الوطن العادل لجميع مواطنيه، أم ستحدث انتكاسات، أو مواجهات، أو حتى فوضى كأحد السيناريوهات التى يروج لها البعض؟.

 

لكن المشير ليس مواطنا عاديا مثلى ومثلك، أو مثل نائب مستجد فى مجلس الشعب مازال يدرس خريطة المكان ويحفظ الطريق اليومى داخل القاعة إلى مقعده، المشير هو القائد العام ليس فقط للقوات المسلحة وهى المؤسسة التى خرجت من الثورة رابحة ومتماسكة ومحتفظة بصلابتها، وإنما هو القائد العام للبلاد، هو أكثر من يملك معلومات فى هذا البلد بحكم موقعه، وأكثر من يملك خبرات على المستويين السياسى والإقليمى بحكم وجوده كواحد من أقدم قادة الجيوش فى المنطقة، وحضوره طوال عقدين من الزمان فى قلب الدولة المصرية سواء داخل مجلس الوزراء أو فى دوائر صنع القرار، وعلاقاته الدولية بحكم موقعه، وإشرافه المباشر بعد الثورة على السلطة التنفيذية وعلى أجهزة المعلومات والمخابرات داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، يجعلك تجزم بأنه يعرف أكثر من الجميع، وإذا كان لأحد أن تكون له قدرة على قراءة مستقبل بلاده، فربما كان المشير بحكم كل ماسبق الأقدر على الرؤية والاستنتاج والترويج للمستقبل.

 

لكن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مارتن ديمبسى سأله عن المستقبل، فرد عليه المشير بأنه لا يملك إجابة فى الوقت الحالى، لم يسأله القائد الأمريكى، هل سيقفز معدل النمو أم سيتراجع، هل ستدخل مصر النادى النووى أم ستبقى تحارب من أجل أرض الضبعة، هل سينتهى الفقر أم سيتزايد عدد المصريين الواقعين أسفل خطه؟ لم يسأله أسئلة تتطلب تنجيما أو أملا كبيرا فقط سأله: «هل ستنعزل مصر.. وتقيد حكم الفرد أمل لا؟» لكن المشير لا يملك إجابة، وأنت تملك آمالا ولا تملك إجابات قاطعة، فمن يملك الإجابات إذن، إذا كنا نتحدث عن بديهيات بعضها ناضل من أجلها المصريون لعقود وحصلوا على قدر كبير منه فيما يتعلق بالحريات الشخصية.

 

لا أعرف إذا كان المشير قد تحدث مع القائد الأمريكى بتلقائية وصراحة أم أراد تخويف واشنطن من المستقبل فى مصر، لكن الواقع أن ما سربه الأمريكيون فى هذا الصدد، أثار مخاوفى ليس فقط لأن المشير لا يملك إجابة عن المستقبل، بما يعنى أن المؤسسة التى تولت عملية التحول والتنمية السياسية لا تملك رؤية حول وضع مصر من العالم وحرية أفراد الشعب، لكن الأخطر أن الرجل التى تتركز السلطات فى يديه والمعلومات والقدرة على الفعل أيضا ليس مطمئنا حتى الآن بما يكفى لما تم قطعه من شوط فى المسار الديمقراطى، ولا يملك إجابات عن المستقبل، فإذا كان هو لا يملك الإجابة.. أين نجدها؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved