عادل البنا.. ظاهرة استثنائية
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 16 فبراير 2018 - 10:05 م
بتوقيت القاهرة
ألف حمد وشكر لله على نعمة المرض ونعمة الشفاء.. نعمة المرض لأنك تكتشف أنك أضعف من أى شىء ولا تمتلك من أمرك شيئا.. كل ما عليك هو أن تعقلها وتتوكل على الله وكل ما تتمناه أن يكون قرارك به بعض الصواب ولكن يبقى الموضوع كلمة فى يد الشافى العفو الرحيم.
كانت تلك كلمات رجل شجاع كتبها فى لحظة صدق نادرة لم يضن بها على العالم حتى أنه نشرها على صفحته فى الفيس بوك ليتمكن من قراءتها كل أحبائه وأصدقائه ومرضاه تلك الكلمات كتبها جراح القلب الأشهر عادل البنا بعد أن تولى أحد الجراحين الألمان استئصال ورم سرطانى داهم معدته وهو الآن يستعد للعودة، إن شاء الله، لاستكمال مراحل علاجه فى وطنه.
رفع عنى عادل البنا كل الحرج فى أن أكتب عن تجربته الإنسانية الفريدة فهو لم يخف مرضه كما يفعل الجميع بل أعلن عنه فى شجاعة يحسده عليها كل البشر. أراد أن يشاركه الجميع وقائع تلك «المحنة» أو كما أحب أن يسميها «النعمة» التى رزقه الله. أى روح تلك التى تسرى فى خلاياك يا أخى وتنبض بها شرايينك دفعتك إلى هذا الفعل الخارق؟
كنت أحد الذين علموا بالخبر منذ البداية فكتمته وجعا حتى أننى كنت أخشى أن يبدر منى أى تصرف يشير إلى أننى أعرف حتى فاجأنى الرجل العظيم بإعلانه الصريح عن حقيقة الأمر، لم يخف شيئا حتى لحظات ضعفه وبكائه حينما تقرر تأجيل العملية لثمان وأربعين ساعة.
عرفنا عادل البنا جراحا للقلب على مستوى يفوق أقرانه من جراحى العالم فقد كان دائما اسمه مصدرا لتفاؤل المريض وعائلته بل وطبيب القلب الذى شخص المرض. ارتبط اسمه دائما بنسب نجاح العمليات، تشير إلى أن الله سبحانه قد ألقى عليه بعضا من ظله أراه مازال يشمله به مريضا بعد أن خصه به جراحا من طراز نادر.
من نعمة المرض أن يقربك من الخالق جدا وترى قدرته اللامتناهية كل ثانية فى مساعدتك على التغلب على كل لحظة معاناة.. المريض يحسب يومه بالثوانى وليس بالأيام.. بكل تأكيد ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
تلك كانت كلمات عادل البنا الذى كتبها من حجرة فى مستشفى بهيدلبرج بعد أن استبدل مكانه لجراح يتسيد غرفة العمليات والممرضات حتى ينتهى من مهمته بمكان مريض يرجو الشفاء. باسم الله يشق صدر المريض ليصل إلى قلبه المتعب يقص شرايين مسدودة ويستبدلها بأخرى فيها يتدفق الدم وتنبض الحياة ليعاود إغلاقه الصدر تاركا فيه جزءا من خبرته الرفيعة وبعضا من روحه وموهبته التى منحه إياها سبحان بسخاء.
لم يفارقنى أبدا إحساس قوى متفائل بأن عادل البنا إن شاء الله سيعبر جسد المريض إلى مرفأ الشفاء. كان ذلك من حسن الظن بالله سبحانه وسيظل دائما.
ادعو معى أن يعود جراح القلب الأشهر عادل البنا إلى غرفة عمليات معهد القلب فى وقت قريب فنحت جميعا بحاجة إلى موهبته النادرة فى إصلاح القلوب المعطوبة وبحاجة أكثر لذلك الرجل الشجاع الاستثنائى النادر على نثر البهجة أينما حل أو رحل.