هل يجب تصحيح التقويم القبطى؟

تامر ممدوح
تامر ممدوح

آخر تحديث: الأحد 16 فبراير 2025 - 6:55 م بتوقيت القاهرة

هل يجب تصحيح التقويم القبطى؟ وهل يجب علينا أن نغير التقويم الذى سرنا عليه كل هذه القرون؟ الإجابة من وجهة نظرى هى نعم وللأسباب التالية.
أولا أسباب علمية: التقويم القبطى الحالى أصبح الاعتدال الربيعى والانقلاب الصيفى والاعتدال الخريفى والانقلاب الشتوى، أى الفصول الأربعة التى تحدد بشكل كبير النشاط البشرى من زراعة وعمل وغيرهما، مرحلة عن موعدها المزمع فى التقويم الأصلى بـ13 يوما وهذا الفرق يزداد يوما إضافيا كل 100 عام وبالتالى يزداد اغتراب التقويم عن الظواهر الطبيعية مع الوقت. وهو ما ينتفى معه الغرض من التقويم، إذ إن التقويم من الأصل وضع لمساعدة الناس على معرفة مواقيت الزراعة ومواعيد المواسم المختلفة، فإن انحرف التقويم عن ذلك وجب تصحيحه.
ثانيا أسباب عقيدية: وفقا للأناجيل فإن صلب وقيامة المسيح كانا فى أسبوع الفصح اليهودى. فالمسيح أكل العشاء مع تلاميذه ليلة اكتمال القمر أى ليلة 14 أبريل فى التقويم اليهودى. ويأتى هذا العيد اليهودى دائما فى فصل الربيع متحركا بين شهرى مارس وأبريل كون التقويم اليهودى تقويما قمريا - شمسيا. ولهذا وضع مجمع نيقية القاعدة التى تقول إن الاحتفال بالقيامة يجب أن يكون يوم الأحد التالى لاكتمال أول قمر بعد الاعتدال الربيعى (21 مارس وفقا للتقويم اليوليانى والموافق لـ25 برمهات). ولهذا استمرت كنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية فى حساب عيد القيامة بهذه الطريقة. الأحد التالى لاكتمال أول قمر بعد الاعتدال الربيعى وفقا للتقويم القبطى (25 برمهات) وإن وقع هذا القمر يوم أحد يقع العيد فى الأحد التالى له.
لكن 25 برمهات مع السنوات لم يعد يتفق مع الاعتدال الربيعى ومثله 21 مارس فى التقويم اليوليانى وهو ما دفع كنيسة روما لتبنى التقويم الجريجورى. وهو ما أدى إلى أن 25 برمهات الآن أمسى يوافق 3 أبريل فى التقويم الجريجورى الذى يستخدمه العالم كله. وهو ما يجعل فى بعض الأعوام عيد القيامة يقع فى شهر مايو أى بعد قمرين كاملين بعد الاعتدال الربيعى الحقيقى (21 مارس) وبعد الفصح اليهودى بأكثر من شهر. وهذا الفرق سيزداد مع مرور السنين، إذ إن بعد ثلاثة آلاف عام من الآن على سبيل التوضيح سيكون 25 برمهات قد أصبح فى نهاية إبريل وبالتالى قد يأتى عيد القيامة فى نهاية مايو أو بداية يونيو أى بعد ثلاثة أقمار مكتملة بعد الربيع مبتعدا تماما عن الموعد الطبيعى له. وهو ما يوجب تصحيحه للعودة للقاعدة الموضوعة فى مجمع نيقية والمتفقة مع نص الأناجيل. وإن كان هذا سيتطلب كذلك تصحيح الحساب الأبقطى الذى يتم حساب موعد العيد عن طريقه.
ثالثا: أسباب عملية: ضبط التقويم القبطى سيجعل موعد عيد الميلاد متفقا مع موعد عيد الميلاد الغربى فى 25 ديسمبر وكذلك موعد عيد القيامة (فى حالة تصحيح الحساب الأبقطى كذلك) وهو ما سيجعل حياة مئات الآلاف من المنتمين للكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى العالم كله أكثر سهولة. فأخيرا أعيادهم القبطية ستكون متزامنة مع الإجازات الرسمية للبلاد التى يعيشون فيها.
• • •
قد يطرح أحدهم أن ما يجب عمله ليس هو تصحيح التقويم القبطى ليسير وفقا للسنة الشمسية المدارية، بل العودة بالتقويم القبطى كى يتبع السنة الفلكية النجمية التى كانت أساس ابتكاره من البداية. إذا سرنا وراء هذا الاقتراح، سنجد أنه لكى يتبع التقويم القبطى الحالى السنة النجمية يجب أولا تحريك بداية العام القبطى ليكون 1 توت موافقا للشروق النجمى للنجم سريوس وهو يوافق الآن الثالث من أغسطس فى التقويم الحالى عند خط عرض 30 (أى كما تم ملاحظته قديما عند منف أو هليوبوليس). وهو ما سيجعل عيد الميلاد (29 كيهك) يوافق يوم 29 نوفمبر بدلا من يوم 7 يناير.
ولأن السنة النجمية متوسطها 365,256 يوما (أى تزيد حوالى 9 دقائق عن السنة فى التقويم القبطى وهى 365,25 يوم)، يجب إضافة يوم للتقويم كل 166 عاما ليبقى التقويم موافقا للسنة الفلكية. وهو ما يعنى أن التقويم سيتحرك نسبة للفصول المدارية كما تحرك التقويم الحالى. أى سنصل لنفس النتيجة وهى ابتعاد الأعياد وخاصة عيد القيامة عن مواعيده الطبيعية باستمرار كون عيد القيامة مرتبطا ارتباطا مباشرة بالاعتدال الربيعى. إذن لا فائدة من الاعتماد على سنة فلكية فى حين أن طريقة حساب عيد القيامة معتمدة على ظاهرة مرتبطة بالسنة المدارية لا الفلكية.
العمل إذن هو تصحيح التقويم القبطى للشهداء لكى يعمل وفقا لأى من التقويمين الأكثر دقة حتى تعود الأمور لنصابها وطبيعتها. إما أن تصحح الكنيسة التقويم القبطى وفقا لطريقة التقويم الجريجورى الأكثر انتشارا، أو وفقا لطريقة التقويم اليوليانى المراجع الأكثر دقة من التقويم الجريجورى، أو تتبنى تصحيحا آخر للتقويم القبطى يعيد المواقيت لمواعيدها الطبيعية.
يجب أن يتم ذلك من وجهة نظرى على خطوتين. الخطوة الأولى هى تصحيح التقويم الحالى، فإذا قررنا هذا العام على سبيل المثال تصحيح التقويم يجب علينا حذف ثلاثة عشر يوما من العام القبطى الحالى وهو عام 1741 حتى يعود الاعتدال الربيعى 25 برمهات موافقا للاعتدال الربيعى الحقيقى وهو يوم 21 مارس. وهذا يتم بأن تنتهى السنة مبكرا فى يوم 22 مسرى الموافق ليوم 28 أغسطس 2025 (بعد حذف الأيام من 23 حتى 30 مسرى و5 أيام النسىء). ويبدأ العام الجديد 1742 يوم 29 أغسطس 2025 (1 توت).
الخطوة الثانية: تعديل طريق حساب السنوات الكبيسة حتى لا يتراكم الخطأ فى التقويم من جديد. وهذا ممكن أن يتم بطريقة من الطرق الآتية:
• اتباع الطريقة الجريجورية: والتى تستبعد السنوات القابلة للقسمة على 100 عدا السنوات التى تقبل القسمة على 400 من السنوات الكبيسة. ولأن التقويم القبطى تم ضبطه أن تكون السنة الكبيسة فيه فى العام السابق للسنة الكبيسة فى التقويم اليوليانى، ستستمر قواعد حساب السنوات الكبيسة كما هى حتى يأتى العام 1817 للشهداء لينتهى يوم 28 أغسطس 2099 ولا يكون عاما كبيسا كون عام 2100 فى التقويم الجريجورى ليس كبيسا. وهكذا فى الأعوام القبطية التى تسبق الأعوام الجريجورية التى تقبل القسمة على 100. وستكون الأعياد فى النصف الأول من السنة الكبيسة القبطية زائدة يوم عن مثيلتها بالكنائس التى تتبع التقويم الجريجورى كون اليوم الإضافى للسنة الكبيسة القبطية يضاف فى نهاية شهر النسىء الموافق 29 أغسطس بينما اليوم الإضافى بالعام الجريجورى يضاف إلى شهر فبراير. بينما سوف تتطابق مواعيد الأعياد فى السنوات البسيطة.
• اتباع الطريقة اليوليانية المراجعة: وهى التى تستبعد من السنوات الكبيسة السنوات القابلة للقسمة على 100 عدا السنوات التى باقى قسمتها على 900 يعطى باقى 200 أو 600. فإذا اتبعنا تلك الطريقة ستكون طريقة حساب السنوات الكبيسة مطابقة للطريقة الجريجورية حتى العام 2800. حيث إن وفقا للطريقة اليوليانية المراجعة سيكون العام 2800 غير كبيس وهو ما يستوجب أن يكون العام القبطى الذى يسبقه غير كبيس هو كذلك.
• اتباع طريق أخرى: وإن لم نرد اتباع أى من هاتين الطريقتين السابقتين فى حساب السنوات الكبيسة يمكننا ابتكار طريقتنا الخاصة عن طريق حذف يوم كل 128 عاما من تقويمنا لتصحيح الخطأ به. فلو تم تصحيح التقويم هذا العام (2019) بحذف الـ13 يوما، سيكون العام القبطى الواجب أن لا يكون كبيسا بعد 128 عاما أى سيجىء فى العام 2037 (الموافق لعام 1763 للشهداء) وهكذا كل 128 عاما. ولكن اتباع هذه الطريقة الفريدة فى احتساب السنوات الكبيسة قد يعرض القائمين على التقويم للخطأ او السهو فى المستقبل.
• • •
فى النهاية يجب أن يكون القرار بتصحيح التقويم القبطى فى يد علماء الفلك والتقويم بالاشتراك مع الكنيسة القبطية ومجمعها المقدس كونه المستفيد والمستخدم الرئيسى لهذا التقويم.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved