ذكرى القديس.. وإبداع الفنان
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 16 مارس 2021 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
صادف يوم 9 مارس الماضى مرور خمسين عاما على رحيل البابا كيرلس السادس، الذى اعتبرته الكنيسة القبطية فى عداد القديسين. كان الاحتفال بذكراه هذا العام مختلفا، وهو البطريرك الذى يحتفل الناس بذكراه كل عام فى سابقة لم تحدث بهذه الصورة من قبل، على الأقل فى القرون الأخيرة. ويُعتبر فى نظر كثيرين هو باعث نهضة الكنيسة فى القرن العشرين، فقد استطاع أن ينظم شئون الكنيسة، واستحدث مجالات للعمل فى الرعاية الاجتماعية، والتعليم، والبحث العلمى، استقطب لها أساقفة من خريجى الجامعات، بل والحاصلين على دراسات عليا. كان بسيطا، متواضعا، قريبا من الناس، فآسر قلوب كثيرين منذ كان راهبا يعيش فى إحدى طواحين الهواء بمنطقة مصر القديمة، حياة الزهد والتقشف، قبل أن يصبح بطريركا للكنيسة كلها.
فى الذكرى الخمسين لرحيله، قام أشرف رءوف الفنان التشكيلى بتصنيع تمثال شديد الواقعية بالحجم الطبيعى من السيلكون للبابا كيرلس السادس بتقنية عالية، وتمثال آخر مماثل للبابا شنودة الثالث خليفته، الذى رحل أيضا فى شهر مارس عام 2012، تشعر بالانبهار، وإبداع الفنان المصرى عندما تقف أمامهما فى المركز الثقافى القبطى الذى احتضن إبداع هذا الفنان، وخصه بجناح خاص تحت إشراف الأنبا أرميا، رئيس المركز، الذى له مساحة تواصل عميقة مع البطريركين، فقد كان فتى صغيرا إبان رحيل البابا كيرلس، تعلق به مثل أبناء جيله، وواصل دراسته، وتخرج فى كلية الصيدلة، والتحق بالرهبنة فى دير مار مينا فى صحراء مريوط، وهو الدير الذى بناه البابا كيرلس، ويستقر جسده هناك فى مزار خاص، وهو الراهب الذى اختير أسقفا فى عهد البابا شنودة الثالث، وعمل فى سكرتاريته الخاصة سنوات طويلة. اقترب منه، وعايش معه تجارب ومواقف عديدة، ونهل من علمه ومعرفته.
ذكرى القديس البابا كيرلس عمت أرجاء الكنيسة القبطية، وكان إبداع الفنان أشرف رءوف ملمحا مهما هذا العام، وهو خريج كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، وشق طريقه تجاه العالمية، وشارك فى العديد من المعارض الدولية، وحاز جوائز عديدة منها المركز الأول بأحسن تصميم جناح فى معرض فلنسيا بإسبانيا عام 2008م من بين 1800 شركة عارضة من جميع أنحاء العالم. وإبداعه ليس جديدا، فمنذ أن كان طالبا بجامعة المنيا حصل على المركز الأول بمعرض التجارب الطلابية بقسم الديكور وقت تخرجه عام 1988م.
أعجبت كثيرا بإبداع الفنان، وأعاد إلىَّ التفكير فى العلاقة بين الدين والفن، ولاسيما فى مجتمعاتنا التى استطاعت أن تبدع أشكالا فنية مبهرة فى المجال الدينى سواء على صعيد الموسيقى أو الرسومات والفنون التشكيلية والزخارف والنقوش، وهو ما يُقرب الشعور الدينى إلى قلب الإنسان، وينسج بينه وبين العمل الفنى مساحات من التأمل، والتفاعل العميق، والشعور بالبهجة.
ويقود التجول فى المعالم الدينية ذات التراث التاريخى مثل الكاتدرائيات الكبرى فى العالم، والكنائس، والمساجد التاريخية والمعابد القديمة، إلى أدرك عمق العلاقة الخاصة، السرية والعميقة، بين الإدراك الدينى والإبداع الفنى.