الرياضة حرب شريفة؟!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 16 أبريل 2025 - 7:05 م بتوقيت القاهرة

** العدالة قيمة يحكمها الضمير قبل القانون. فالإنسان لا يحتاج إلى قانون كى لا يكذب ولا ينافق، ولا يوالى، ولا ينحنى، ولا يرتشى، ولا يسرق، فالشر شر والخير خير بالفطرة وبالغريزة، لكن حين تباع وتشترى الضمائر، فلابد من تفصيل القيود، ويقال إن البشرية وجدت أن القانون هو الحل الوحيد. وفى بداية مراحل النهضة الإنسانية خاف الإنسان من سيف القانون القاتل، ثم احترم القانون العادل، ثم أحب القانون الذى يحفظ الحقوق ويحقق المساواة.

 


**علاقة العدالة بالرياضة واضحة. فكما قال الشاعر الفلسطينى محمود درويش فى يوم من الأيام: «كرة القدم هى أشرف الحروب». وقديما قال علماء الاجتماع: «إن كرة القدم هى البديل المشروع للحرب خاصة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية. وواقعيا فى خمسينيات القرن الماضى بدأت شعبية كرة القدم تنتشر مثل النار فى الهشيم، خاصة بعد أن بدأ الناس يتابعونها عبر شاشات التليفزيون بعد ميكروفونات الإذاعة. لكن كيف أنها أشرف الحروب؟
** هى حرب بالمعنى وليست حربا بالمضمون والموضوع، وانظر إلى الألعاب الأولمبية أو بطولات الألعاب الفردية، وحتى إلى كأس العالم والمباريات. إنها ليست حروبا أبدا ولا يجب أن تكون. إنما هى حرب ينتصر فيها الأفضل غالبا، على الرغم من لحظات الدراما غير المعقولة وغير المتوقعة وعلى الرغم من سيناريوهات تصنع الإثارة والمتعة أحيانا. ولذلك هى حرب شريفة، تفوز خلالها منتخبات إسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرازيل وأوروجواى والأرجنتين وإنجلترا وألمانيا ببطولات كأس العالم. وهى حرب ينتصر فيها ريال مدريد، وبرشلونة، وليفربول، ومانشستر سيتى، وإنتر ميلان وميلان ويوفنتوس وأياكس أمستردام وبايرن ميونيخ، وباريس سان جيرمان والأهلى والزمالك والهلال والنصر، والوحدات والفيصلى، وسلتيك ورينجرز، وأبحث عن كل الفرق الكبيرة ستجد أنها الأفضل بجميع الوجوه وهى التى تملك الشعبية والجماهرية الأكبر ولذلك هى التى تنتصر فى الحرب الشريفة. وهذه الحرب للتذكرة والتكرار ليس فيها ولا يجب أن يكون فيها، كذب أو نفاق، أو موالاة، أو انحناء، أو مجاملات، أو رشاوى، أو رياء، أو بيع وشراء. والحرب الشريفة ليس فيها تفصيل لوائح، ولا فيها اختراع لوائح، ولا فيها تغيير لوائح، ولا فيها تفسير لوائح بالمزاج.
** كرة القدم مثل الرياضة. كل الرياضة. يفوز فى منافساتها الأفضل والأقوى والأسرع والأعلى. وعلى مدى تاريخ الإنسان مع الرياضة، ظلت قوانينها بسيطة ومفهومة وواضحة. فلا يمكن لبطىء أن يسبق الأسرع، ولا يمكن لضعيف أن يمنح الذهبية على حساب الأقوى. ولا يمكن لحكم يمارس قواعد العدالة أن يمنح انتصارًا غير مستحق لفريق أو للاعب على حساب منافسه. تلك هى القواعد الأساسية فى الرياضة، وتلك هى مناهج الرياضة.. ولكن؟
** إذا غابت العدالة. وغاب القانون. سيصبح الشك هو الواقع قبل اليقين، وسيعلو صوت الشكوى، والاتهام، وستسقط كل قيم الرياضة. تسقط الأخلاق وتسقط الروح الرياضية وتسقط التنافسية، ولا يعترف المهزوم بهزيمته، ويفتش دائما عن سبب للهزيمة كأنه يفتش عن كنز، لعله يهرب من النقد ومن الحساب؟!
** حقا إنه ليس عدلا أن يصعد فريق فوق جثة فريق بمساعدة فريق ثالث.. وهى مصيبة أن يتعامل سيف القانون الصلب والحاد مع الأندية ومع البشر بمواقعهم وبمكانتهم وبنفوذهم فيصبح سيفا مطاطيا مرنا ولطيفا.
وسوف يقرأ البعض تلك الكلمات، ويتمتم، ويهذى، بما معناه بلاش وجع دماغ، بينما يتساءل البعض الأن وبراءة الأطفال فى عينيه عايز تقول إيه بالظبط؟
** قلت كل حاجة عن الرياضة التى أحببتها وعرفتها وعشتها وعن الرياضة التى لا أحبها؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved